للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ بَسَطتُ عَلَيهِ فَروَةً، ثُمَّ قُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نم وَأَنَا أَنفُضُ لَكَ مَا حَولَكَ. فَنَامَ وَخَرَجتُ أَنفُضُ مَا حَولَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ مُقبِلٍ بِغَنَمِهِ إِلَى الصَّخرَةِ، يُرِيدُ مِنهَا الَّذِي أَرَدنَا، فَلَقِيتُهُ فَقُلتُ: لِمَن أَنتَ يَا غُلَامُ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِن أَهلِ المَدِينَةِ. قُلتُ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ؟ قَالَ: نَعَم. قُلتُ: أَفَتَحلُبُ لِي؟ قَالَ: نَعَم. فَأَخَذَ شَاةً فَقُلتُ لَهُ: انفُض الضَّرعَ مِن الشَّعَرِ وَالتُّرَابِ

ــ

و(قوله: وأنا أنفض لك ما حولك) أي: أنظر وأبحث فيما حولنا هل فيه ما يكره؟ يقال: إذا تكلَّمت بالليل فاخفض، وإذا تكلمت بالنهار فانفض، أي: التفت إلى ما حولك.

و(قوله للراعي: لمن أنت؟ فقال: لرجل من أهل المدينة) يعني بالمدينة هنا: مكة، لوجهين:

أحدهما: أنه إنما كانت هذه القصة في سفر هجرتهم، وإن هذا إنما كان في مبدأ سفرهم. ألا ترى قوله: أسرينا ليلتنا إلى أن قام قائم الظهيرة؟ ! فكأنهم إنما لقوا هذا الراعي بعد ليلة ونصف يوم من خروجهم من الغار. وذكر حديث سراقة في نفس هذا الحديث. يدل على أنه كان قريبًا من مكة.

وثانيهما: أنه قد روي من طريق أخرى عن البراء أنه قال للراعي: لمن أنت؟ قال: لرجل من أهل مكة، وسماها مدينة، لأنَّ كل بلد يسمى مدينة، ومنه قوله تعالى: {وَكَانَ فِي المَدِينَةِ تِسعَةُ رَهطٍ} ولم يرد به دار الهجرة بالاتفاق، وإنَّما سُمِّي البلد مدينة، لأن أهله (١) يدينون لمتوليه، أي يطيعون. وقيل: من الدين، وهو الملك.

والكثبة من اللبن وغيره: القليل المجتمع منه. وارتوى: افتعل من الري أي: أعدَّ فيها من الشراب ما يروي. والقعب: وعاء من خشب. والإداوة من جلد.


(١) في (ع): أهلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>