و(قوله: وكرهت أن أوقظه) إنما كره ذلك، لأنَّ نومه ذلك كان راحة من تعب، ولأنهم كانوا يتوقعون أنه يوحى إليه في نومه، فإيقاظه يخاف أن يكون قطعًا للوحي.
و(قوله: فصببت على اللَّبن من الماء حتى برد أسفله) يعني: أنه صبَّ على إناء اللبن من الماء ليبرد اللبن، فإنَّه يخرج من الضرع حارًّا، وكان الوقت شديد الحرِّ. وعلى هذا فالمراد بأسفله: أسفل الإناء. ويحتمل أن يكون المراد به: أنه صبَّ الماء في اللبن ومزجه به. وخصَّ أسفل اللَّبن لأنه إذا برد أسفله برد أعلاه.
وشُرب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ذلك اللَّبن مع علمه بأن الرَّاعي ليس بمالك - إذ قد صرَّح الراعي بذلك - مشكل، إذ الورع يقتضي التوقف، وقد اختلف فيه على أوجه:
أحدها: أنَّه علم عين المالك، وأنَّه كان ممن تطيب نفسه بذلك، وقد دل على ذلك: أن أحمد بن حنبل روى هذا الحديث في مسنده، فقال فيه: فقلت: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من قريش، فسمَّاه، فعرفتُه.
وثانيها: أن ذلك محمول على ما جرت به عوائد (١) العرب في إباحة ذلك القدر في مثل تلك الحال.
وثالثها: أن من احتاج في سفره، ومرَّ على غنم أو ثمر - وقد جاع أو عطش -