للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَوَعَاهُ قَلبِي - وَأَشَارَ إِلَى نياطِ قَلبِهِ - رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: مَن أَنظَرَ مسلمًا أَو وَضَعَ عَنهُ، أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ.

قَالَ فَقُلتُ لَهُ أَنَا: يَا عَمِّ، لَو أَنَّكَ أَخَذتَ بُردَةَ غُلَامِكَ وَأَعطَيتَهُ مَعَافِرِيَّكَ، وَأَخَذتَ مَعَافِرِيَّهُ وَأَعطَيتَهُ بُردَتَكَ، فَكَانَت عَلَيكَ حُلَّةٌ وَعَلَيهِ حُلَّةٌ. فَمَسَحَ رَأسِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارِك فِيهِ، يَا ابنَ أَخِي، بَصَرُ عَينَيَّ هَاتَينِ، وَسَمعُ أُذُنَيَّ هَاتَينِ، وَوَعَاهُ قَلبِي هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى نياطِ قَلبِهِ - رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: أَطعِمُوهُم مِمَّا تَأكُلُونَ، وَاكسُوهُم مِمَّا تَلبَسُونَ. وَكَانَ أَن أَعطَيتُهُ مِن مَتَاعِ الدُّنيَا أَهوَنَ عَلَيَّ مِن أَن يَأخُذَ مِن حَسَنَاتِي يَومَ القِيَامَةِ.

ــ

و(قوله: ووعاه قلبي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ) الضمير في وعاه قلبي: عائد على [غير] (١) مذكور قبله، فهو مما يفسره الحال والمشاهدة. وأبدل منه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ للبيان، فهو بدل الظاهر من المضمر. ونياط القلب: هو معلَّقه، ويروى: مناط، وهو موضع تعلُّقه. وإنظار المعسر: تأخيره إلى أن يوسر، والوضع عنه: إسقاط الدَّين عن ذمته، وقد جمع هو بينهما لهذا المعسر حيث محا عنه الصحيفة، وقال له: إن وجدت قضاء فاقض، وإلا فأنت في حل. وقد مضى تفسير الحُلَّة، وأنها ثوبان من جنس واحد، ليسا بلِفقَين.

و(قوله: أطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون) ظاهر هذا: وجوب تشريك السيِّد عبده في نوع ما يأكله، ويلبسه، وهو ليس بواجب اتفاقًا، وقد بيَّنَّا ذلك فيما تقدم. لكن خاف أبو اليَسَر أن يكون ترك ذلك منقصًا من حسناته، فسوَّى بينه وبين عبده في اللباس، وكذلك فعل أبو ذر ـ رضي الله عنه ـ، كما تقدم.

والاشتمال: الالتفاف بالشملة. وهذا الاشتمال الذي اشتمله جابر هو الذي أذن له فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما تقدَّم في كتاب: الصلاة، وهو أن يضع وسط الشملة


(١) ما بين حاصرتين ليس في (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>