للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أن ما بين الأركان متساوٍ، فهو معتدل التربيع، وقد اختلفت الألفاظ الدَّالة على مقدار الحوض، كما هو مبيَّن في الروايات المذكورة في الأصل. وقد ظن بعض القاصرين: أن ذلك اضطراب، وليس كذلك، وإنما تحدَّث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بحديث الحوض مرات عديدة، وذكر فيها تلك الألفاظ المختلفة إشعارًا بأن ذلك تقدير، لا تحقيق، وكلها تفيد أنه كبير متسع، متباعد الجوانب والزوايا، ولعل سبب ذكره للجهات المختلفة في تقدير الحوض: أن ذلك إنما كان بحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهات، فيخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها، والله أعلم.

و(قوله: ماؤه أبيض من الورق) جاء أبيض - هاهنا - في هذا الحديث على الأصل المرفوض (١)، كما قد جاء في قولهم:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . ... فأنت أبيَضُهم سِربال طَبَّاخ (٢)

وكما قد جاء قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: توافون سبعين أمَّة أنتم أخيرهم (٣)، أي: خيرهم، وكما قد جاء عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ: لينتهين أقوامٌ عن ودعهم الجمعات (٤)، وكل ذلك جاء منبهة على الأصل المرفوض، والمستعمل الفصيح كما جاء في الرواية الأخرى: أشد بياضًا من الثلج (٥)، ولا معنى لقول من قال من مُتعسِّفة النحاة: لا يجوز التلفظ بهذه الأصول المرفوضة، مع صحَّة هذه الروايات، وشهرة تلك الكلمات.


(١) أي: على وزن أفعل التي للتفضيل، وهنا في الألوان مرفوضة هذه الصيغة، ويقال: أشدّ بياضًا.
(٢) هذا عجز بيت لطرفة بن العبد، وصدره:
إذا الرِّجال شَتَوا واشتدَّ أكلهم
(٣) رواه الدارمي (٢/ ٣١٣).
(٤) رواه أحمد (١/ ٣٣٥)، ومسلم (٨٦٥)، والنسائي (٣/ ٨٨).
(٥) رواه مسلم رقم (٢٤٧) (٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>