للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: ثُمَّ صَعِدَ المِنبَرَ كَالمُوَدِّعِ لِلأَحيَاءِ وَالأَموَاتِ، فَقَالَ: إِنِّي فَرَطُكُم عَلَى الحَوضِ، وَإِنَّ عَرضَهُ كَمَا بَينَ أَيلَةَ إِلَى الجُحفَةِ، إِنِّي لَستُ أَخشَى عَلَيكُم أَن تُشرِكُوا بَعدِي، وَلَكِنِّي أَخشَى عَلَيكُم الدُّنيَا أَن تتَنَافَسُوا فِيهَا وَتَقتَتِلُوا، فَتَهلِكُوا كَمَا هَلَكَ مَن كَانَ قَبلَكُم.

قَالَ عُقبَةُ: فَكَانَت آخِرَ مَا رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنبَرِ.

رواه أحمد (٤/ ١٤٩)، والبخاريُّ (١٣٤٤)، ومسلم (٢٢٩٦) (٣٠ و ٣١)، وأبو داود (٣٢٢٣)، والنسائيُّ (٤/ ٦١).

* * *

ــ

ويحتمل أن يكون هذا خبرًا عن خصوص أصحابه الذين أعلمه الله تعالى بمآل حالهم، وأنهم لا يزالون على هدي الإسلام وشرعه إلى أن يلقوا الله ورسوله على هديه، إذ قد شهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لكثير منهم بذلك، وشوهدت استقامة أحوالهم حتى توفاهم الله تعالى عليه، ويحتمل أن يحمل هذا الخبر على جميع الأمة، فيكون معناه: الإخبار عن دوام الدين، واتصال ظهوره إلى قيام الساعة، وأنه لا ينقطع بغلبة الشرك على جميع أهله، ولا بارتدادهم، كما قد شهد بذلك الكتاب والسُّنَّة وإجماع الأمة. والأول أظهر من الحديث، والله أعلم.

و(قوله: ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تتنافسوا فيها، وتقتتلوا فتهلكوا) هذا الذي توقعه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الذي وقع بعده، فعمَّت الفتن، وعظمت المحن، ولم ينج منها إلا من عصم، ولا يزال الهرج إلى يوم القيامة، فنسأل الله تعالى عاقبة خير وسلامة.

وجرباء: صحيح روايته بفتح الجيم وسكون الراء والمد، وقد وقع عند بعض رواة البخاري بالقصر وهو خطأ، وأذرح: بفتح الهمزة، وذال معجمة ساكنة، وراء مضمومة، وحاء مهملة، وهو الصواب. ووقع في رواية العذري بالجيم، وهو خطأ، وقد فسَّرهما في الأصل: بأنهما قريتان من قرى الشام بينهما مسيرة ثلاثة أيام، وقال ابن وضاح في أَذرُح: أنها فلسطين، وهذا يدل على صحة

<<  <  ج: ص:  >  >>