للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عند قدومه على المدينة في الوقت الذي كان يستقبل قبلتهم، وإن ذلك كله كانت حكمته التأنيس لأهل الكتاب حتى يصغوا إلى ما جاء به، فيتبين لهم أنه الحق، والاستئلاف لهم ليدخلوا في الدين، فلما غلبت عليهم الشقوة، ولم ينفع معهم ذلك نسخ الله تعالى استقباله قبلتهم بالتوجه نحو الكعبة، وأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمخالفتهم في غير شيء، كقوله: إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم (١). وذكر أبو عمر في التمهيد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: اخضبوا وفرقوا، خالفوا اليهود (٢). قال: إسناده حسن، ورجاله كلهم ثقات، وكقوله في الحائض: اصنعوا كل شيء إلا النكاح (٣). حتى قالت اليهود: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه. فاستقر آخر أمره ـ صلى الله عليه وسلم ـ على مخالفتهم فيما لم يحكم عليه فيه بحكم، فإذا ثبت هذا فلا حجَّة في قول عائشة رضي الله عنها: كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحب موافقة أهل الكتاب على أن شرعهم شرع لنا) (٤) فتأمَّل ذلك. واختلاف هذه الأحاديث في كيفية شعر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما هو اختلاف أحوال، إذ قد فعل ذلك كله، فقد سدل، وفرق، وكان شعره لِمَّة، ووفرة، وجُمَّة.

وقد روى الترمذي من حديث أم هانئ رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مكة وله أربع غدائر (٥). قال: هذا حديث حسن صحيح.


(١) رواه أحمد (٢/ ٢٤٠)، والبخاري (٣٤٦٢)، ومسلم (٢١٠٣)، وأبو داود (٤٢٠٣)، والنسائي (٨/ ١٣٧).
(٢) رواه ابن عدي في الكامل (٢/ ٦١٤)، وانظر: التمهيد (٦/ ٧٦).
(٣) رواه أحمد (٣/ ١٣١)، ومسلم (٣٠٢)، والترمذي (٢٩٧٧)، والنسائي (١/ ١٥٢)، وابن ماجه (٦٤٤).
(٤) في (ع) و (م ٢): له.
(٥) رواه الترمذي (١٧٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>