للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالحناء والكتم. والإسناد واحد (١). ومما يعتضد به هؤلاء خضاب الخليفتين رضي الله عنهما، فلو علما أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يختضب لما اختضبا، فإنَّهما ما كانا باللذين يعدلان عن سنَّته، ولا عن اتباعه، والفصل لهؤلاء من أحاديث أنس، وما في معناها بأن الخضاب لم يكن منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ دائمًا، ولا في كل حال، وإنَّما كان في بعض الأوقات، فلم يلتفت أنس لهذه الأوقات القليلة، وأطلق القول، وأولى من هذا أن يقال: إنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما لم يكن شيبه كثيرًا، وإنَّما كان في لحيته وصدغيه نحو العشرين شعرة بيضًا، لم يكن الخضاب يظهر فيها غالبًا، والله تعالى أعلم.

وقد اعتذر أصحاب القول الأول عن حديث أبي رمثة وابن عمر بأن ذلك لم يكن خضابًا بالحناء، وإنما كان تغييرًا بالطيب، ولذلك قال ابن عمر رضي الله عنهما: كان يصبغ بالصفرة، ولم يقل: بالحناء، وهذه الصفرة هي التي قال عنها أبو رمثة: ردع من حناء، لأنَّه شبهها بها، وأما حديث أم سلمة فيحتمل أن يكون ذلك فعل بشعر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعده بطيب أو غيره احترامًا وإكرامًا. والله أعلم.

والشَّمَطات: جمع شمطة، ويعني بها: الشعرات البيض المخالطة للشعر الأسود. قال الأصمعي: إذا رأى الرجل البياض، فهو أَشمَط. وقد شَمِطَ. والكَتَم - بالتحريك -: نبت يخلط بالوسمة، يختضب به. قاله في الصحاح. والبحت - بالموحدة والحاء المهملة -: هو الخالص من الشيء، المنفرد عن غيره. وقال أبو حنيفة اللغوي: الوسمة: الحظر، والعِظلِم، والثبلج، والتَّنومة، وكله يصبغ به. والحناء ممدودة. قال أبو علي: جمع حناءة. والكتم -مخفف التاء -: هو المعروف. وأبو عبيد يقولها بالتشديد. ونُبَذ: الرواية فيه بفتح النون وسكون الباء، أي: شيء قليل متبدد. وبعض النَّاس يقوله: نبذ - بضم النون وفتح الباء -: جمع نُبذة، كغرفة وغرف، وظلمة وظلم. وهذا لا يستقيم هنا، لأنَّه كان يلزم منه أن


(١) رواه ابن أبي شيبة (٨/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>