للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٢٥٥] وعن جَابِرَ بنَ سَمُرَةَ قالُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَد شَمِطَ مُقَدَّمُ رَأسِهِ وَلِحيَتِهِ،

ــ

يكون سببه نبذًا مجتمعة في أنفسها، متفرقة في مواضع عديدة، ويلزم عليه أن يكون سببه كثيرًا، فيكون هذا مخالفا لما قاله أنس في الأحاديث الأخر.

وكراهته ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشيب إنَّما كان لأنه وقارٌ، كما قد روى مالك: أن أوَّل من رأى الشيب إبراهيم عليه السلام ـ، فقال: يا رب! ما هذا؟ فقال: وقار. قال: يا رب زدني وقارًا (١) أو لأنه نورٌ يوم القيامة، كما روى أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جدِّه قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: لا تنتفوا الشيب! ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كانت له نورًا يوم القيامة. وفي أخرى: إلا كتب الله له حسنة، وحط عنه خطيئة (٢).

و(قول أنس ـ رضي الله عنه ـ: ما شانه الله بِبَيضاء) أي: لم يكن شيبه كثيرًا بيِّنًا حتى تزول عنه بهجة الشباب، ورونقه، ويلحق بالشيوخ، الذين يكون الشيبُ لهم عيبًا، فإنَّه يدلّ على ضعفهم، ومفارقة قوة الشباب ونشاطه. ويحتمل أن يريد: أن ما ظهر عليه من الشيب اليسير زاده ذلك في عين الناظر إليه أبهة، وتوقيرًا، وتعظيمًا.

والشَّين: العيب. وأبري النِّبل: أنحته، وأَرِيشُه: أجعل فيها الريش، ويعني: أنَّه قد كان كبر، وقوي، وعرف. وهذا حال المراهق.

و(قوله: قد شَمِطَ مُقَدَّمُ رأسه ولحيته) أي: خالط الشيب ذينك الموضعين. ومقدم اللحية: يعني به: العنفقة، كما قال أبو جحيفة: رأيت هذه منه بيضاء. يعني: عنفقته. ومقدمه يعني به: الصِّدغين، كما قال أنس: إنما كان البياض في عنفقته وصدغيه. وهذا يدلّ: على أن قول أنس في الرواية الأخرى: إنه كان في


(١) رواه مالك في الموطأ (٢/ ٩٢٢).
(٢) رواه أبو داود (٤٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>