للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَم يَتَبَيَّن، وَإِذَا شَعِثَ رَأسُهُ تَبَيَّنَ، وَكَانَ كَثِيرَ شَعرِ اللِّحيَةِ.

فَقَالَ رَجُلٌ: وَجهُهُ مِثلُ السَّيفِ؟ قَالَ: لَا بَل كَانَ مِثلَ الشَّمسِ وَالقَمَرِ، وَكَانَ مُستَدِيرًا،

ــ

لحية رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورأسه عشرون شعرة بيضاء، إنَّما كان ذلك منه تقديرًا على جهة التقريب والتقليل لا التحقيق.

و(قوله: وكان إذا ادَّهن لم تتبيَّن، وإذا شعث تبيَّن) يعني: أنه كان إذا تطيَّب بطيب يكون فيه دهن فيه صفرة خفي شيبه، وهذه هي الصفرة التي رأى عليه ابن عمر، وأبو رمثة. والله أعلم.

وشعث الرأس: انتفاش شعره لعدم تسريحه، وأراد به هنا: إذا لم يتطيَّب.

و(قوله: كان وجهه مثل السيف) يحتمل هذا التشبيه وجهين:

أحدهما: أن السيوف كانت عندهم مستحسنة محبوبة يتجمَّلون بها، ولا يفارقونها، فشبه وجه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ به، لأنَّه مستحسن محبوب يُتجمل به حين المجالسة، ولا يُستغنى عنه.

وثانيهما: أنه كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ أزهر، صافي البياض، يبرق وجهه، وقد روي: أنه كان يتلألأ وجهه في الجدر (١)، فشبَّه وجهه بالسيف في صفاء بياضه وبريقه. والله أعلم.

و(قوله: لا! بل: مثل الشمس والقمر) هذا نفيٌ لتشبيه وجهه بالسيف، لما في السيف من الطول، فقد يحتمل أن وجهه كان طويلًا، وإنَّما كان مستديرًا في تمام الخَلق، ولأنه تقصير في التشبيه، فأضرب عن ذلك، وذكر من التشبيه ما هو أوقع، وأبلغ، فقال: بل مثل الشمس والقمر، وهذا التشبيه: هو الغاية في


(١) ذكره ابن الأثير في النهاية (٤/ ٥٥). وانظر: سبل الهدى والرشاد (٢/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>