للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٢٦٤] عَن أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّي لَنَا نَفسَهُ أَسمَاءً فَقَالَ: أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحمَدُ وَالمُقَفِّي وَالحَاشِرُ، وَنَبِيُّ التَّوبَةِ، وَنَبِيُّ الرَّحمَةِ.

رواه أحمد (٤/ ٣٩٥)، ومسلم (٢٣٥٥) (١٢٦).

* * *

ــ

و(قوله: ونبي التوبة) أي: الذي تكثر التوبة في أمته، وتعم حتى لا يوجد فيما ملكته أمته إلا تائب من الكفر، فيقرب معناه على هذا من الماحي إلا أن ذلك يشهد بمحو ما ظهر من الكفر، وهذا يشهد بصحَّة ما يخفى من توبة أمته منه، ويحتمل أن يكون معناه: أن أمته لما كانت أكثر الأمم كانت توبتهم أكثر من توبة غيرهم، ويحتمل أن تكون توبة أمته أبلغ حتى يكون التائب منهم كمن لم يذنب، ولا يؤاخذ لا في الدنيا، ولا في الآخرة، ويكون غيرهم يؤاخذ في الدنيا، وإن لم يؤاخذ في الآخرة، والله أعلم. والذي أحوج إلى هذه الأوجه: اختصاص نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذا الاسم مع أن كل نبي جاء بتوبة أمته، فيصدق أنه نبي التوبة، فلا بدَّ من إبداء مزيِّة لنبينا يختصُّ بها كما بيَّنا.

و(قوله: ونبي الرحمة) وفي أخرى: المرحمة وفي أخرى: الملحمة فأمَّا الرحمة، والمرحمة فكلاهما بمعنى واحد، وقد تقدَّم أن الرحمة إفاضة النعم على المحتاجين، والشفقة عليهم، واللطف بهم، وقد أعطى الله نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمته منها ما لم يُعطِه أحدًا من العالمين، ويكفي من ذلك قوله تعالى: {وَمَا أَرسَلنَاكَ إِلا رَحمَةً لِلعَالَمِينَ} فهو أعظم كل رحمة، وأمته القابلة لما جاء به قد حصلت على أعظم حظ من هذه الرحمة، وشفاعته يوم القيامة لأهل الموقف أعمُّ كل رحمة، ولأهل الكبائر أجل كل نعمة، وخاتمة ذلك شفاعته في ترفيع منازل أهل الجنة.

وأما رواية من روى: نبي الملحمة: فهذا صحيح في نعته، ومعلوم في الكتب القديمة من وصفه، فإنَّه قد جاء فيها: أنه نبي الملاحم،

<<  <  ج: ص:  >  >>