للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأنه يجيء بالسيف والانتقام ممن خالفه من جميع الأنام، فمنها ما جاء في صحف حبقوق (١)، قال: جاء الله من التين، وتقدس من فاران، وامتلأت الأرض من تحميد أحمد وتقديسه، وملأ الأرض من هيبته. وفيها أيضًا: تضيء الأرض بنورك، وستنزع في قوسك إغراقًا، وترتوي السهام بأمرك يا محمد ارتواء. ويعني بالتين الجبال التي تنبته، وهي جبال بيت المقدس، ومجيء الله تعالى منها عبارة عن إظهار كلامه الذي هو الإنجيل على لسان عيسى ـ عليه السلام ـ. وفاران: مكة، كما قال تعالى في التوراة: إن الله أنزل هاجر وابنها إسماعيل فاران يعني: مكة بلا خلاف بينهم. وفي التوراة قال: قد جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلى من فاران فمجيئه تعالى من سيناء: كناية عن ظهور موسى ـ عليه السلام ـ بها، وإشراقه من ساعير: وهي جبال الروم من أدوم: كناية عن ظهور عيسى عليه السلام. واستعلاؤه من فاران: كناية عن القهر الذي يقهر به نبيِّنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ الكفر كله بالقتل والقتال. وقال في التوراة: يا موسى! إني أقيم لبني إسرائيل من إخوتهم نبيًا مثلك، أجعل كلامي على فيه، فمن عصاه انتقمت منه، وإخوة بني إسرائيل (٢) العرب، فإنَّهم ولد إسماعيل عليه السلام، وهم المعنيون هنا. و (قوله: أجعل كلامي على فيه) يعني به: القرآن، والانتقام ممن عصاه: هو القتل والقتال الذي جاء به، ومثل هذا كثير. وقد ذكرنا منه مواضع كثيرة جاءت في كتب أنبياء بني إسرائيل في كتاب الأعلام (٣).


(١) من أنبياء اليهود قبل الجلاء، تنبَّأ في أواخر القرن السابع في مملكة يهوذا، فأنّب الشعب، وأنذره بمجيء الكلدانيين قصاصًا لهم. ونبوة حبقوق من أسفار العهد القديم. (المنجد).
(٢) ما بين حاصرتين سقط من (م ٢).
(٣) انظر كتاب: "حجة الله على العالمين" (١/ ٨٦) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>