للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِكَ القَومُ أَرَمُّوا، وَرَهِبُوا أَن يَكُونَ بَينَ يَدَي أَمرٍ قَد حَضَرَ. قَالَ أَنَسٌ:

ــ

و(قوله: فلما أُكثِرَ عليه غضب) يحتمل أن يكون غضب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من إكثارهم عليه من المسائل، فإنَّ ذلك: يُقلِّل حرمة العالم، ويُجرئ على الإقدام عليه، فتذهب أبهة العالم، ووقاره، فإنَّه إذا كثرت المسائل: كثرت الأجوبة، فحصل جميع ما ذكرناه من المفاسد. ويحتمل أن غضبُه بسبب أنه تحقَّق أنَّه كان هنالك من يسأل تعنيتًا وتبكيتًا، قصدًا للتعجيز والتنقيص، كما كان يفعل المنافقون، واليهود، ويدلُّ على هذا قوله: سلوني، سلوني (١)، فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا، فإنَّ هذا يصلح أن يكون جوابًا لمن قصد التعجيز والتبكيت حتى يبطل زعمه (٢)، ويظهر خرقه وذمه، ويحتمل أن يكون من تلك المسائل ما يكره، كما قال في حديث أبي موسى: سئل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أشياء كرهها، وكما دلَّ عليه قوله تعالى: {لا تَسأَلُوا عَن أَشيَاءَ إِن تُبدَ لَكُم تَسُؤكُم} ويحتمل أن يكون غضبه لمجموع تلك الأمور كلها، والله تعالى أعلم.

و(قوله: فأرمَّ القوم (٣)) أي: سكتوا، وأصله من المرمَّة، وهي: الشَّفة، فكأنهم أطبقوا مرمَّاتهم فلم يحركوها بلفظة.

و(قوله: ورهبوا أن يكون من أمرٍ (٤) قد حضر) أي: خافوا أن تقع بهم عقوبة عند غضبه.


(١) كذا في جميع أصول المفهم، وقد جاءت في الأم والتلخيص: (سلوني) دون تكرار.
(٢) في (ز): فهمه. وفي (م ٣): وهمه.
(٣) في التلخيص ومسلم: فلما سمع ذلك القوم أرمُّوا.
(٤) في التلخيص ومسلم: بين يدي أمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>