للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: لَم أَرَ كَاليَومِ قَطُّ فِي الخَيرِ وَالشَّرِّ إِنِّي صُوِّرَت لِي الجَنَّةُ وَالنَّارُ فَرَأَيتُهُمَا دُونَ هَذَا الحَائِطِ.

ــ

سكن غضب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (١). ثم أخذ يُحدِّثهم بما أطلعه الله عليه من أمور الآخرة، فقال: لم أر كاليوم قطّ في الخير والشر، هذا الكلام محمول على الحقيقة لا التوسع والمجاز فإنَّه: لا خير مثل خير الجنَّة، ولا شرَّ مثل شرِّ النار. وقط: هي الظرفية الزمانية، وروينا هاهنا مفتوحة القاف، مضمومة الطاء مشدَّدة، وهي إحدى لغاتها، وتقال بالتخفيف، وتقال: بضم القاف على إتباع حركتها لحركة الطاء، وذلك مع التشديد والتخفيف، فأمَّا قط بمعنى حسب فبتخفيف الطاء وسكونها، وقد تزاد عليها نون بعدها. فيقال: قطني، وقد تحذف النون فيقال: قطي، وقد تحذف الياء، فيقال: قط، بكسر الطاء، وقد يبدل من الطاء دال مهملة، فيقال: قد، ويقال على تلك الأوجه كلها، كله من الصحاح.

و(قوله: إني صوِّرت لي الجنة والنار فرأيتهما دون هذا الحائط) وفي البخاري: لقد عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط، وفي البخاري في هذا الحديث: لقد رأيت الآن - منذ صليت بكم الصلاة - الجنة والنار ممتثلتين في قبلة هذا الجدار ظاهر هذه الروايات - وإن اختلفت ألفاظها -: أنه صلى الله عليه وسلم رأى مثال الجنة والنار في الجدار الذي استقبله مصوَّرتين فيه، وهذا لا إحالة فيه، كما تتمثل المرئيات في الأجسام الصقلية. يبقى أن يقال: فالحائط ليس بصقيل. ويجاب: بأن اشتراط الصقالة في ذلك: ليس بشرط عقلي، بل: عادي، وذلك محل خرق العادة ووقتها، فيجوز أن يمثلها الله فيما ليس بصقيل (٢)، هذا


(١) لم نجد هذه الرواية في صحيح البخاري ولا مسلم ولا عند أحمد، بل هي عند أبي داود في سننه (٢٤٢٥) في سياقٍ غير هذا.
(٢) في هذا إشارة إلى أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى مثال الجنة والنار على الحائط، كما يرى الناسُ في هذا العصر من الصور المتحركة على الشاشات الصغيرة والكبيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>