للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَن أَبِي؟ قَالَ: أَبُوكَ حُذَافَةُ ثُمَّ أَنشَأَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، عَائِذ بِاللَّهِ مِن سُوءِ الفِتَنِ،

ــ

عن أبيه - وسببُ هذا ما كانت أنكحة الجاهلية عليه، فإنَّها كانت على ضروب كما ذكرناه في النكاح، وكان منها: أن المرأة يطؤها جماعة، فإذا حملت، فولدت دُعي لها كل من أصابها، فتُلحق الولد بمن شاءت، فيَلحق به. فربما يكون الولد من خسيس القدر، فتلحقه بكبير القدر، فإذا نفي عمن له مقدار، وألحق بمن لا مقدار له لحقه من ذلك نقص وعار. وكانوا يسألون رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن تحقيق ذلك لينسب لأبيه الحقيقي الذي ولد من نطفته، وتزول عنه تلك المعرَّة. فسأل هذان الرجلان النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن تحقيق (١) ذلك، فقال لأحدهما: أبوك حذافة، وقال للآخر: أبوك سالم، فتحقَّق نسبهما، وزالت معرَّتهما.

و(قول عمر ـ رضي الله عنه ـ: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا) كلام يقتضي إفراد الحق بما يجب له تعالى من الربوبية، ولرسوله من الرسالة اليقينية، والتسليم لأمرهما، وحكمهما بالكلية، والاعتراف لدين الإسلام بأنه أفضل الأديان. وإنما صدَّر عمر ـ رضي الله عنه ـ كلامه بنون الجمع، لأنه متكلِّم عن نفسه، وعن كل من حضر هنالك من المسلمين.

و(قوله: عائذٌ بالله من سوء (٢) الفتن) كذا صحَّت الرواية عائذٌ بالرفع، أي أنا عائذ، أي: مستجير. والفتن: جمع فتنة، وقد تقدَّم: أن أصلها الاختبار، وأنها تنصرف على أمور متعددة، ويعني بها هنا: المحن، والمشقات، والعذاب ولذلك قال: من سوء الفتن أي: من سيئها ومكروهها. ولما قال ذلك عمر وضم إلى ذلك قوله: إنا نتوب إلى الله عز وجل كما جاء في الرواية الأخرى،


(١) من (م ٣).
(٢) من التلخيص ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>