للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ قَالُوا: كَيفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الأَنبِيَاءُ إِخوَةٌ مِن عَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُم شَتَّى، وَدِينُهُم وَاحِدٌ ولَيسَ بَينَنَا نَبِيٌّ.

ــ

و(قوله: في الأولى والآخرة) أي: في الدنيا وفي الدار الآخرة.

و(قوله: كيف يا رسول الله؟ سؤال عن وجه الأولوية. فقال في الجواب: الأنبياء إخوة من عَلَاّت، أُمَّهاتهم شتى، ودينهم واحد، وليس بيني وبينه نبي (١). وفي لفظ آخر: أولاد عَلَاّت (٢). وفي الصحاح: بنو العلَاّت: هم أولاد الرجل من نسوة شتى، سميت بذلك لأن الذي يتزوجها على أولى كانت قبلها، ثم علَّ من هذه، والعَلَلُ: الشرب الثاني. يقال: عَلَلٌ بعد نهلٍ، وعله يعله: إذا سقاه السَّقية الثانية، وقال غيره: سُمُّوا بذلك لأنهم أولاد ضرائر، والعلَاّت الضرائر. وشتَّى: مختلفون، ومنه قوله تعالى: {تَحسَبُهُم جَمِيعًا وَقُلُوبُهُم شَتَّى}

قال القاضي أبو الفضل عياض: معناه أن الأنبياء مختلفون في أزمانهم، وبعضهم بعيد الوقت من بعض، فهم أولاد علَاّت، إذ لم يجمعهم زمان واحد، كما لم يجمع أولاد العلَاّت بطن واحد، وعيسى ـ عليه السلام ـ لما كان قريب الزمان منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولم يكن بينهما نبي، كانا كأنهما في زمان واحد، فكانا بخلاف غيرهما.

قلت: هذا أشبه ما قيل في هذا الحديث، ويستفاد منه: إبطال قول من قال: إنه كان بعد عيسى أنبياء ورسل، فقد قال بعض الناس: إن الحواريين كانوا أنبياء، وأنهم أرسلوا إلى الناس بعد عيسى، وهو قول أكثر النصارى، كما ذكرناه في كتاب الإعلام.

و(قوله: ودينهم واحد) أي: في (٣) توحيدهم، وأصول أديانهم، وطاعتهم


(١) رواه البخاري (٦٧٣٥)، ومسلم (١٦١٥)، وأبو داود (٢٨٩٨)، والترمذي (٢٠٩٩).
(٢) هذه الرواية ليست في التلخيص، وإنما هي في صحيح مسلم برقم (٢٣٦٥) (١٤٣).
(٣) ليست في (ز) و (ع) و (م ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>