للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه أحمد (٢/ ٣١٩)، والبخاريُّ (٣٤٤٣)، ومسلم (٢٣٦٥) (١٤٥).

ــ

لله تعالى، واتباعهم لشرائعه، والقيام بالحق، كما قال تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} الآية، ولم يُرِد فروع الشرائع، فإنَّهم مختلفون فيها كما قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلنَا مِنكُم شِرعَةً وَمِنهَاجًا}

و(قوله: ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخًا من نخسة الشيطان) يعني به: أول وقت الولادة حين يستهل أوَّل استهلال، بدليل قوله في الرواية الأخرى: يوم يولد أي: حين يولد. والعرب قد تطلق اليوم وتريد به الوقت والحين. كما قال تعالى: {كَأَنَّهُم يَومَ يَرَونَ مَا يُوعَدُونَ لَم يَلبَثُوا} أي: حين يرون، كما تقدَّم في الحديث قبل هذا: ليأتين على أحدكم يوم لا يراني (١) أي: زمن ووقت، وهو كثير. وكأن النَّخس من الشيطان إشعار منه بالتمكن والتسليط، وحفظ الله تعالى لمريم وابنها من نخسته تلك التي هي ابتداء التسليط ببركة إجابة دعوة أمها حين قالت: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ} فاستجاب الله لها لما حضرها في ذلك الوقت من صدق الالتجاء إلى الله تعالى، وصحة التوكل، وأمها هي امرأة عمران، واسمها حنَّة بنت فاقود، وكانت لما حملت نذرت، وأوجبت على نفسها أن تجعل ما تلده منزهًا منقطعًا للعبادة، لا يشتغل بشيء مما في الوجود، على شريعتهم في الرهبانية، وملازمتهم الكنائس، وانقطاعهم فيها إلى الله تعالى بالكلية. ولذلك لما ولدتها أنثى قالت: {وَلَيسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} أي: فيما نذرته له من الرهبانية.


(١) تقدم في التخليص برقم (٢٩٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>