للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٢٧٨] وعنه: أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا مِن مَولُودٍ يُولَدُ إِلَّا نَخَسَهُ الشَّيطَانُ، فَيَستَهِلُّ صَارِخًا مِن نَخسَةِ الشَّيطَانِ إِلَّا ابنَ مَريَمَ وَأُمَّهُ. ثُمَّ

ــ

و(قوله: كل مولود (١) وما من مولود) ظاهر قوي في العموم والإحاطة، ولما استثنى منه مريم وابنها التحق بالنصوص لا سيما مع النظر الذي أبديناه، فأفاد هذا: أن الشيطان ينخس جميع ولد آدم حتى الأنبياء، والأولياء، إلا مريم وابنها، وإن لم يكن كذا بطلت الخصوصية بهما، ولا يفهم من هذا أن نخس الشيطان يلزم منه إضلال المنخوس وإغواؤه، فإنَّ ذلك ظن فاسد، وكم قد تعرض الشيطان للأنبياء، والأولياء بأنواع الإفساد، والإغواء، ومع ذلك يعصمهم الله مما يرومه الشيطان، كما قال: {إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَانٌ} هذا مع أن كل واحد من بني آدم قد وُكِّل به قرينُه من الشياطين (١)، كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وعلى هذا فمريم وابنها - وإن عصما من نخسه - فلم يعصما من ملازمته لهما ومقارنته. وقد خصَّ الله تعالى نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بخاصيَّة كمل عليه بها إنعامه بأن أعانه على شيطانه حتى صحَّ إسلامه (٢)، فلا يكون عنده شرٌّ، ولا يأمره إلا بخير، وهذه خاصَّة لم يؤتها أحدٌ غيره، لا عيسى، ولا أمه. وفي غير كتاب مسلم: فذهب الشيطان ليطعن في خاصرته فطعن في الحجاب (٣)، أي: في الحجاب الذي حجب به عيسى ـ عليه السلام ـ، فإمَّا حجاب مهده، وإما حجاب بيته.

و(قوله: صياح المولود نزغة من الشيطان (٤)) الرواية المعروفة: نزغة


(١) هذه رواية أحمد في مسنده (٢/ ٣١٩).
(٢) رواه أحمد (١/ ٣٨٥)، ومسلم (٢٨١٤).
(٣) رواه أحمد (٢/ ٥٢٣)، والبخاري (٣٢٨٦).
(٤) هذه العبارة من حديث لم يُورده المؤلف في التلخيص، وإنما هو في صحيح مسلم برقم (٢٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>