رواه أحمد (٢/ ٣٢٢)، والبخاري (٣٣٥٦)، ومسلم (٢٣٧٠).
ــ
منع إطلاق لفظ وإباحته، فذلك خبر عن الحكم الشرعي، لا عن المعنى الوجودي، وإذا ثبت ذلك جاز رفعه، ووضعه، وصحَّ الحكم به، ونسخه من غير تعرُّض للمعنى، والله أعلم.
سلَّمنا أنه خبر عن أمر وجودي، لكن لا نسلم أن كل أمر وجودي لا يتبدل، بل: منها ما يتبدل، ولا يلزم من تبدله تناقض، ولا محال، ولا نسخ، كالإخبار عن الأمور الوضعية. وبيان ذلك: أن معنى كون الإنسان مكرَّما مفضلًا، إنما ذلك بحسب ما يُكرَّم به، ويُفضل على غيره، ففي وقت يُكرَّم بما يُساوي فيه غيره، وفي وقت يزاد على ذلك الغير، وفي وقت يُكرَّم بشيء لم يُكرَّم به أحد، فيقال: غلبه في المنزلة الأولى مُكرَّم مُقرَّب، وفي الثانية مُفضل بقيد. وفي الثالثة، مُفضل مطلقًا، ولا يلزم من ذلك تناقض، ولا نسخ، ولا مُحال، وهذا واضح وحسن جدًّا فاغتبط عليه (١)، وشدَّ عليه يدًا.
و(قوله: اختتن إبراهيم ـ عليه السلام ـ بالقدوم، وهو ابن ثمانين سنة) اختلف الرواة في تخفيف دال القدوم وتشديدها، واختلفوا أيضًا في معناها. فالذي عليه أكثر الرواة التخفيف، ويعني به: آلة النَّجَّار، وهو قول أكثر أهل اللغة في آلة النجارة. ورواه بعضهم مشدَّدًا. وفسَّره بعض اللغويين: بأنه موضع معروف بالشام، ومنهم من قال: بالسَّرَاة، وحكي عن أبي جعفر اللُّغوي: قدُّوم: المكان مشدَّد، معرفة، لا تدخله الألف واللام، قال: ومن رواه في حديث إبراهيم ـ عليه السلام ـ مخففًا فإنما يعني بها الآلة التي ينجر بها، وفي الصحاح: القدوم: