الذي ينحت به مخففًا. قال ابن السِّكيت: لا تقل: قدُّوم بالتشديد، والجمع: قدم. قال الأعشى:
أقام به شاهَبُورُ الجنُو ... د حَولَين يَضرِب فيه القُدُم
وجمع القُدُم: قدائم، مثل: قُلُص وقلائص، والقدوم أيضًا: اسم موضع مخفَّف.
قلت: ويحصل من أقوالهم: أن القدوم إذا أريد به الآلة فهو مخفف، وإذا أريد به الموضع ففيه التشديد والتخفيف، ويحتمل أن يراد بالقدوم في الحديث: الآلة والموضع.
و(قوله: وهو ابن ثمانين سنة) وفي غير كتاب مسلم: أنه اختتن وهو ابن ثمانين سنة، وعاش مائة وعشرين سنة.
قال القاضي عياض رحمه الله: قد جاء هذا الحديث من رواية مالك، والأوزاعي، وفيه: اختتن إبراهيم وهو ابن مائة وعشرين سنة. ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة. إلا أن مالكًا ومن تابعه وقفوه على أبي هريرة.
قلت: قد تقدَّم: أن إبراهيم أوَّل من اختتن، وأن ذلك لم تزل سُنَّة عامة معمولًا بها في ذريته وأهل الأديان المنتمين إلى دينه. وهو حكم التوراة على بني إسرائيل كلهم، ولم تزل أنبياء بني إسرائيل يختتنون حتى عيسى ـ عليه السلام ـ غير أن طوائف من النصارى تأوَّلوا ما جاء في التوراة من ذلك، بأن المقصود زوال غُلفَة القلب، لا جلدة الذكر، فتركوا المشروع من الختان بضرب من الهذيان، وليس هذا بأوَّل جهالاتهم، فكم لهم منها وكم! ويكفيك من ذلك: أنّهم زادوا على أنبيائهم في الفهم، وغلَّطوهم فيما عملوا عليه، وقضوا به من الحكم. وقد أسبغنا القول في هذا في كتاب الإعلام.