للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَصَصًا} قَالَ: يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى أَتَيَا الصَّخرَةَ فَرَأَى رَجُلًا مُسَجًّى عَلَيهِ بِثَوبٍ - وفي رواية: مستلقيا على القفا، أو قال: على حلاوة القفا - فَسَلَّمَ عَلَيهِ مُوسَى، فَقَالَ لَهُ الخَضِرُ: أَنَّى بِأَرضِكَ السَّلَامُ من

ــ

طريقه في البحر سربًا، تعجب منه يُوشع، ويتعجب به غيره ممن شاهده، أو سمع قضيته.

و{نَبغِ} نطلب. وارتدا: رجعا. و {قَصَصًا} تتبعًا لآثار طريقهما. و {الصَّخرَةِ} هي التي كان أويا إليها. والمسجَّى: المغطى. ومُستلقيًا على القفا أي: مباشرًا بظهره وقفاه الأرض مستقبلًا بوجهه السماء كهيئة الميت.

و(قوله: أو على حلاوة القفا) شك من بعض الرواة. وحلاوة القفا يعني بها - والله أعلم -: أن هذه الضجعة مما تستحلى، لأنَّها ضجعة استراحة، فكأنه قال: أو حلاوة ضجعة القفا، ويقال بضم الحاء وفتحها، وحلاء بالضم والمد، وبه وبالقصر، وكأن هذه الضجعة من الخضر كانت بعد تعب عبادة. وآثر هذه الضجعة لما فيها من تردُّد البصر في المخلوقات، ورؤية عجائب السماوات، فكأن الخضر في هذه الضجعة متفرغ عن الخليقة، مملوء بما لاح له من الحق والحقيقة، ولذلك لما سلَّم عليه موسى ـ عليه السلام ـ كشف الثوب عن وجهه، وقال: وعليك السلام، من أنت؟

و(قوله: أنَّى بأرضك السَّلام) معناه: من أين تعرف السلام بهذه الأرض التي أنت فيها؟ ! وهذا يحتمل وجهين:

أحدهما: أن ذلك الموضع كان قفرًا لم يكن به أحدٌ يصحبه، ولا أنيس فيكلمه، ويحتمل أن يكون أهل ذلك الموضع لا يعرفون السلام الذي سلم به موسى، إما لأنهم ليسوا على دين موسى، وإما لأنه ليس من كلامهم.

وأنى تأتي بمعنى: حيث، وكيف، وأين، ومتى. حكاه القاضي. وفي هذا من الفقه: تسليم القائم على المضطجع، وهذا القول من الخضر كان بعد أن ردَّ عليه السلام،

<<  <  ج: ص:  >  >>