للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: وَلَم يَنصَب موسى حَتَّى جَاوَزَ المَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ {قَالَ أَرَأَيتَ إِذ أَوَينَا إِلَى الصَّخرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلا الشَّيطَانُ أَن أَذكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحرِ عَجَبًا} قَالَ مُوسَى: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبغِ فَارتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا

ــ

و(قوله: ولم ينصب حتى جاوز المكان الذي أمر به) أي: لم يجد موسى ألم النَّصب إلا بعد أن جاوز موضع فقد الحوت، وكأن الله تعالى جعل وجدان النصب بسبب طلب الغداء سبب تذكر ما كان من الحوت. ومن هنا قيل: إن النَّصب هنا هو الجوع.

و(قوله: أرأيت إذ أوينا إلى الصَّخرة فإني نسيت الحوت) هذا قول يوشع جوابًا لموسى، وإخبارًا له عما جرى. ومعنى {أَوَينَا} انضممنا، وهي هنا بقصر الهمزة لأنه لازم، وقد تقدَّم ذكر الخلاف في المتعدي في قصره ومده. ونسبة الفتى النسيان إلى نفسه نسبة عادية لا حقيقية.

و(قوله: {وَمَا أَنسَانِيهُ إِلا الشَّيطَانُ أَن أَذكُرَهُ} أن مع الفعل بتأويل المصدر، وهو منصوب بدل اشتمال من الضمير في أنسانيه، وهو بدل الظاهر من المضمر، وهذا إنما ذكره يوشع في معرض الاعتذار، وذلك أن في البخاري: أن موسى قال لفتاه: لا أُكلِّفك إلا أن تُخبرني بحيث يفارقك الحوت، فاعتذر بذلك القول، ويعني بذلك: أن الشيطان سبب للنسيان، والغفلة، بما يورده على القلب من الخوض في غير المعنى المطلوب، ومن المعلوم أن النسيان لا صنع فيه للإنسان، وأنه مغلوب عليه، ولذلك لم يؤاخذ الله تعالى به، وإنَّما محل المؤاخذة الإهمال والتفريط. والانصراف عن الأمور المهمة إلى ما ليس بمهم حتى ينسى المهم، وهذا هو فعل الشيطان المذموم أن يُشغل ذكر الإنسان بما ليس بمهم، ويزينه له حتى ينصرف عن المهم فيذم على ذلك ويُعاقب، فيحصل مقصود الشيطان من الإنسان.

و(قوله: {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحرِ عَجَبًا} أي: اتخذ الحوت

<<  <  ج: ص:  >  >>