للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: إِنَّكَ عَلَى عِلمٍ مِن عِلمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لَا أَعلَمُهُ، وَأَنَا عَلَى عِلمٍ مِن عِلمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعلَمُهُ،

ــ

وقطعَ المفاوز والقفار. وقد زاد فيه بعض الرواة: أن الخضر قال له: وعليك السلام، أنَّى بأرضنا يا نبي بني إسرائيل، أما كان لك فيهم شغل؟ ! قال: بلى ولكني أمرت أن أصحبك، مستفيدًا منك. فأجاب بجواب المتعلم المسترشد بين يدي العالم المرشد ملازمًا للأدب والحرمة، ومعظمًا لمن شرَّفه الله بالعلم، وأعلى رسمه فقال: جئتُك لتعلمني مما عُلمت رُشدًا. قرأه الجماعة بضم الراء وسكون الشين، وقرأه يعقوب وأبو عمرو بالفتح فيهما، وهما لغتان، ويقال: رَشَدَ: بالفتح يرشد رُشدًا بالضم، ورَشِد بالكسر يرشَد رَشدًا بالفتح، ومعنى الرشد: الاستقامة في الأمور، وإصابة وجه السداد، والصواب فيها، وضده الغي. وهو منصوب على المصدر، ويكون في موضع الحال، ويصح أن يكون مفعولًا من أجله، وفيه من الفقه التذلل، والتواضع للعالم، وبين يديه، واستئذانه في سؤاله، والمبالغة في احترامه وإعظامه، ومن لم يفعل هكذا فليس على سنة الأنبياء، ولا على هديهم، كما قال نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه (١).

و(قوله: إنك على علم من علم الله علَّمكه الله، لا أعلمه، وأنا على علم من علم الله علَّمنيه لا تعلمه أنت) ظاهر هذا: أن الخضر كان لا يعلم التوراة، ولا ما علمه موسى من الأحكام، وقد جاء هذا الكلام في بعض روايات البخاري بغير هذا اللفظ، وبزيادة فيه، فقال: أما يكفيك أن التوراة بين يديك، وأن الوحي يأتيك يا موسى؟ إن لي علمًا لا ينبغي لك أن تعلمه، وإن لك علمًا لا ينبغي لي أن أعلمه (٢).


(١) رواه أحمد (٥/ ٣٢٣)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٢٢) وصححه، ووافقه الذهبي.
(٢) هي رواية البخاري (٤٧٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>