للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَشَدُّ مِن الأُولَى، {قَالَ إِن سَأَلتُكَ عَن شَيءٍ بَعدَهَا فَلا تُصَاحِبنِي قَد بَلَغتَ مِن لَدُنِّي عُذرًا * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهلَ قَريَةٍ} - وفي رواية: لئاما -

ــ

ذكر لك في هذه المرة، ولم يذكرها في الأولى مقابلة له على قلَّة احترامه في هذه الكرَّة، فإنَّ مقابلته بـ لك مع كاف خطاب المفرد يشعر بقلة احترامه. والله أعلم.

وقوله: {إِن سَأَلتُكَ عَن شَيءٍ بَعدَهَا فَلا تُصَاحِبنِي}، هذا القول أبرزه من موسى استحياؤه من كثرة المخالفة، وتهديده لنفسه عند معاودتها للاعتراض بالمفارقة.

وقوله: {قَد بَلَغتَ مِن لَدُنِّي عُذرًا}، أي: قد صرت عندي معذورًا، وقد تقدَّم الفرق بين لدنِّي وعندي، وأن في لدنِّي لغات، وقرئت: (من لَدنِي) بضم الدال، [وتخفيف النون، وسكون الدال، وإشمامها الضم، وتخفيف النون لأبي بكر عن عاصم. وبضم الدال] (١)، وتشديد النون، والأولى لنافع والثالثة للباقين.

وقوله: {فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهلَ قَريَةٍ} لئام فـ {استَطعَمَا أَهلَهَا} قال قتادة: القرية أيلة. وقيل: أنطاكية. ولئام هنا: بخلاء، واللؤم في الأصل: هو البخل مع دناءة الآباء. والاستطعام: سؤال الطعام، والمراد به هنا: أنهما سألا الضيافة بدليل قوله تعالى: {فَأَبَوا أَن يُضَيِّفُوهُمَا} فاستحق أهل القرية أن يُذمُّوا وينسبوا إلى اللؤم كما وصفهم بذلك نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ويظهر من ذلك: أن الضيافة كانت عليهم واجبة، وأن الخضر وموسى إنما سألا ما يجب لهما من الضيافة. وهذا هو الأليق بحال الأنبياء والفضلاء، وبعيد أن يذم من ترك المندوب هذا الذم، مع أنه يحتمل أن يقال: إن الضيافة لما كانت من المكارم المعروفة المعتادة عند أهل البوادي، ذم المتخلف عنها عادة، كما قد قالوا: شرٌّ


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>