للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الخَضِرُ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَأَقَامَهُ، قَالَ لَهُ مُوسَى: قَومٌ أَتَينَاهُم فَلَم يُضَيِّفُونَا، وَلَم يُطعِمُونَا {لَو شِئتَ لاتَّخَذتَ عَلَيهِ أَجرًا * قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَينِي وَبَينِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأوِيلِ مَا لَم تَستَطِع عَلَيهِ صَبرًا} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: يَرحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَوَدِدتُ أَنَّهُ كَانَ صَبَرَ، حَتَّى يُقَصَّ عَلَينَا مِن أَخبَارِهِمَا قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: كَانَت الأُولَى مِن مُوسَى نِسيَانًا قَالَ: وَجَاءَ عُصفُورٌ حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَرفِ السَّفِينَةِ، ثُمَّ نَقَرَ فِي البَحرِ فَقَالَ لَهُ الخَضِرُ: مَا نَقَصَ عِلمِي وَعِلمُكَ مِن عِلمِ اللَّهِ إِلَّا مِثلَ مَا نَقَصَ هَذَا العُصفُورُ مِن البَحرِ.

ــ

وقال آخر:

في مَهمَهٍ فُلِقَت به هاماتُنَا ... فَلقَ الفُؤوسِ إذا أردنا نُصُولا

والنصول هنا: الثبوت في الأرض، من قولهم: نصل السَّهم: إذا ثبت في الرَّميَّة، فشبَّه وقع السيوف على رؤوسهم بوقع الفؤوس في الأرض الشديدة، فإنَّ الفأس يقع فيها ويثبت، ولا يكاد يخرج. والمجاز موجود في القرآن والسُّنَّة كما هو موجودٌ في كلام العرب، وقد استوفينا مباحث هذه المسألة في الأصول.

و(قوله: قال الخضر بيده - هكذا - فأقامه) يعني به أنه أشار إليه بيده، فقام. فيه دليل على كرامات الأولياء، وكذلك كل ما وصف عن أحوال الخضر في هذا الحديث، وكلها أمور خارقه للعادة. هذا إذا تنزلنا على أنه ولي لا نبي، وقد اختلف فيه أئمة أهل السُّنَّة. والظاهر من مساق قصته واستقراء أحواله، مع قوله: {وَمَا فَعَلتُهُ عَن أَمرِي} أنه نبي يوحى إليه بالتكاليف والأحكام، كما أوحي إلى الأنبياء، غير أنه ليس برسول.

وقوله: (لو شئت لَتخِذتَ عليه أجرًا) هذه قراءة ابن كثير، وأبي عمرو ويعقوب (*)، وقراءة غيرهم: {لاتَّخَذتَ} وهما لغتان بمعنى واحد من


(*) أي: {لَتَخِذْتَ} كما أوردها المؤلف في الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>