رواه أحمد (٥/ ١١٧)، والبخاريُّ (٤٧٢٦)، ومسلم (٢٣٨٠)(١٧٠ - ١٧٤)، وأبو داود (٤٧٠٥ - ٤٧٠٧)، والترمذي (٣١٤٨).
* * *
ــ
يكبر ويستقل بنفسه جبلهما بحكم محبتهما له أن يُطيعاه ويُوافقاه على ما يصدر عنه من الكفر والفساد، فيكفران بذلك، وهذا معنى قوله:{فَخَشِينَا أَن يُرهِقَهُمَا طُغيَانًا وَكُفرًا} وعلى هذا فيكون: فخشينا من كلام الخضر، وهو الذي يشهد له مساق الكلام، وهو قول كثير من المفسرين، وذهب بعضهم إلى أنه من كلام الله تعالى، وفسَّر فخشينا بمعنى: علمنا، وحكى أن أُبيا قرأها:(فعلم ربُّك). ومعنى {يُرهِقَهُمَا} يلحق بهما ما يشق عليهما، ويتعبهما، والطغيان هنا: الزيادة في المفاسد.
وقوله:{فَأَرَدنَا أَن يُبدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيرًا مِنهُ زَكَاةً وَأَقرَبَ رُحمًا}، وهذا قول الخضر قطعًا، وهو يشهد بأن قوله:{فَخَشِينَا} من قوله، و {يُبدِلهُمَا} قرئ مشدَّدًا ومخففًا، وهما لغتان. وزكاة: منصوب على التمييز، يعني: نماءً وصلاحًا، ودينًا. و {رُحمًا} معطوف على زكاة، أي: رحمة، يقال: رحمة، ورحمَا، وألفه للتأنيث، ومذكَّرُه رحيم، وقيل: إن الرُّحمى هنا بمعنى: الرَّحم، قرأها ابن عباس، وأوصل رُحمًا، أي: رَحِمًا. وحكي عنه: أنهما رزقا جارية ولدت نبيًّا. وقيل: كان من نسلها سبعون نبيًا، ويفيد هذا تهوين المصائب بفقد الأولاد، وإن كانوا قطعًا من الأكباد، ومن سلم للقضاء سفرت عاقبته عن اليد البيضاء.