للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَيءٍ بَعدَهَا فَلا تُصَاحِبنِي قَد بَلَغتَ مِن لَدُنِّي عُذرًا} وَلَو صَبَرَ لَرَأَى العَجَبَ.

قَالَ: وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا مِن الأَنبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفسِهِ رَحمَةُ اللَّهِ عَلَينَا وَعَلَى أَخِي كَذَا رَحمَةُ اللَّهِ عَلَينَا.

وقال بعد قوله: {هَذَا فِرَاقُ بَينِي وَبَينِكَ} أَخَذَ بِثَوبِهِ قَالَ: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأوِيلِ مَا لَم تَستَطِع عَلَيهِ صَبرًا * أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَت لِمَسَاكِينَ يَعمَلُونَ فِي البَحرِ} فَإِذَا جَاءَ الَّذِي يُسَخِّرُهَا وَجَدَهَا مُنخَرِقَةً فَتَجَاوَزَهَا، فَأَصلَحُوهَا بِخَشَبَةٍ، وَأَمَّا الغُلَامُ فَطُبِعَ يَومَ طُبِعَ كَافِرًا، وَكَانَ أَبَوَاهُ قَد عَطَفَا عَلَيهِ،

ــ

قلت: وما صار إليه الجمهور أولى تمسُّكًا بحقيقة لفظ الغلام، ولقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: وأما الغلام فطبع يوم طُبع كافرًا أي: خلق قلبه على صفة قلب الكافر من القسَّوة، والجهل، ومحبَّة الفساد، وضرر العباد، ولقوله: ولو أدرك لأرهق أبويه طغيانًا وكفرًا أي: لو بلغ. ولَمَّا علم الله تعالى ذلك منه، أعلم الخضر بذلك، وأمره بقتله، فيكون قتله من باب دفع الضرر، كقتل الحيَّات، والسِّباع العادية، لا من باب القتل المترتب على التكليف، وهذا لا إشكال على أصول أهل السُّنَّة فيه، فإن الله تعالى الفعَّالُ لما يريد، القادر على ما يشاء لا يتوجه عليه وجوبٌ، ولا حق، ولا يثبت عليه لوم ولا حكم، وأما على أصول أهل البدع القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين وما يتولَّد على ذلك من الأصول الفاسدة من التجويز، والتعديل، والإيجاب على الله تعالى، فلا يلتفت إليها، ولا يُعرج عليها، لظهور فسادها، كما بيَّنَّاه في الأصول.

و(قوله: وكان أبواه قد عطفا عليه) أي: أحباه، وأقبلا عليه بشفقتهما، وحنوِّهما، فخاف الخضر، لما أعلمه الله تعالى بمآل حاله أنه إن عاش لهما حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>