للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على الله تعالى، فيضاف إليه ما يستحسن منها، ويطلق عليه، ولا يضاف ما يستقبح منها إليه، وهذا كما قاله تعالى: {بِيَدِكَ الخَيرُ} واقتصر عليه، ولم ينسب الشر إليه، وإن كان بيده الخير والشَّر، والنَّفع والضر، إذ هو على كل شيء قدير، وبكل شيء خبير.

و(قوله: وجاء عصفورٌ حتى وقع على حرف السَّفينة، ثم نقر في البحر، فقال الخضر: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر) وحرف السفينة: طرفها. وحرف كل شيء: طرفه، وشفيره، وحدُّه. ومنه حرف الجبل: وهو أعلاه المحدَّد. والحرف: واحد حروف التَّهجي. والحرف: الكلمة. والحرف: اللغة، كما تقدَّم. والحرف: الناقة الضامرة. والحرف: الجهة الواحدة. ومنه قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرفٍ} أي: يعبده في الرَّخاء، ولا يعبده في الشدَّة. والحرف: مأخوذ من الانحراف، وهو الميل.

والعلم هاهنا: بمعنى: المعلوم، كما قال تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِن عِلمِهِ} أي: من معلوماته. وهذا من الخضر ـ عليه السلام ـ تمثيل، أي: معلوماتي ومعلوماتك في علم الله تعالى لا أثر لها، كما أن ما أخذ هذا العصفور من البحر لا أثر له بالنسبة إلى ماء البحر. وإنما مثل له ذلك بالبحر (١)، لأنه أكبر ما نشاهده مما بين أيدينا. وهذا نحو مما قاله تعالى: {قُل لَو كَانَ البَحرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحرُ قَبلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} وإطلاق لفظ النقص هنا تجوُّز قصد به التمثيل، والتَّفهم، إذ لا نقص في علم الله تعالى ولا نهاية لمعلوماته. وقد أورد البخاري هذا اللفظ من رواية ابن جريج على لفظ أحسن مساقًا من هذا وأبعد عن الإشكال، فقال: ما علمي وعلمك في جنب علم الله إلا


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>