للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قد صحَّ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء (١)، وأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس، وفي السماء، وخصوصًا بموسى ـ عليه السلام ـ. وقد أخبرنا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما يقتضي أن الله تعالى يرد عليه روحه حتى يرد السلام على كل من يسلم عليه (٢)، إلى غير ذلك مما ورد في هذا المعنى، وهو كثير بحيث يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء إنما هو راجع إلى أنهم غيبوا عنا بحيث لا ندركهم، وإن كانوا موجودين أحياء، وذلك كالحال في الملائكة فإنَّهم موجودون أحياء، ولا يراهم أحدٌ من نوعنا إلا من خصَّه الله بكرامة من أوليائه، وإذا تقرر أنهم أحياء فهم فيما بين السماء والأرض، فإذا نفخ في الصور نفخة الصعق صعق كل من في السماوات والأرض إلا من شاء الله، فأمَّا صعق غير الأنبياء فموت، وأما صعق الأنبياء، فالأظهر أنه غشية، فإذا نفخ في الصور نفخة البعث ممن مات حيي، ومن غشي عليه أفاق، ولذلك قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: فأكون أول من يفيق) وهي رواية صحيحة وحسنة. فهذا الذي ظهر لي، والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

وقد تحصل من هذا الحديث: أن نبينا محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ مُحَقَّقٌ أنه أول من يفيق، وأول من يخرج من قبره قبل الناس كلهم، الأنبياء وغيرهم، إلا موسى ـ عليه السلام ـ فإنَّه حصل له فيه تردد: هل بعث قبله، أو بقي على الحالة التي كان عليها قبل نفخة الصعق، وعلى أي الحالين كان فهي فضيلة عظيمة لموسى ـ عليه السلام ـ ليست لغيره، والله تعالى أعلم.

* * *


(١) رواه أبو داود (١٠٤٧)، والنسائي (٣/ ٩١)، وابن ماجه (١٦٣٦).
(٢) رواه أحمد (٢/ ٥٢٧)، وأبو داود (٢٠٤١) بلفظ: "ما من أحدٍ يُسلم عليًّ إلا ردَّ اللهُ عليَّ روحي حتى أردَّ عليه السلام".

<<  <  ج: ص:  >  >>