للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: فَلَا أَدرِي أَكَانَ فِيمَن صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبلِي، أَم كَانَ مِمَّن استَثنَى اللَّهُ عز وجل.

رواه البخاريّ (٣٤١٤)، ومسلم (٢٣٧٣) (١٥٩ و ١٦٠)، وأبو داود (٤٦٧١)، والترمذيُّ (٣٢٤٥).

* * *

ــ

رام بعضهم الانفصال عن هذا الإشكال، فقال: يحتمل أن يكون موسى ممن لم يمت من الأنبياء، وهذا قول باطل بما ذكرناه. قال القاضي عياض: يحتمل أن المراد بهذه الصعقة: صعقة فزع بعد النشر حين تنشق السماوات والأرضون، قال: فتستقل الأحاديث والآيات.

قلت: وهذه غفلة عن مساق الحديث، فإنَّه يدلّ على بطلان ما ذكر دلالة واضحة، فإنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: إنه حين يخرج من القبر فيلقى موسى، وهو متعلق بالعرش، وهذا كان عند نفخة البعث، ثم إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما يرى موسى يقع له تردد في موسى على ظاهر هذا الحديث، هل مات عند نفخة الصعق المتقدِّمة على نفخة البعث، فيكون قد بعث قبله، أو لم يمت عند نفخة الصعق لأجل الصعقة التي صعقها على الطور، جعلت له تلك عوضًا من هذه، وعلى هذا فكان حيًّا حالة نفخة الصعق، ولم يصعق، ولم يمت، وحينئذ يبقى الإشكال إذ لم يحصل عنه انفصال.

قلت: والذي يُزيحه - إن شاء الله تعالى - أن يقال: إن الموت ليس بعدم، وإنَّما هو انتقال من حالٍ إلى حال، وقد ذكرنا ذلك فيما تقدَّم، ويدل على ذلك أن الشهداء بعد قتلهم وموتهم أحياء عند ربهم يرزقون فرحين مستبشرين، فهذه صفات الأحياء في الدُّنيا، وإذا كان هذا في الشهداء كان الأنبياء بذلك أحق وأولى، مع أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>