للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو أول من أسلم من الرجال، وقد أسلم على يديه من العشرة المشهود لهم بالجنة خمسة: عثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنهم ـ.

قال الإمام الحافظ أبو الفرج الجوزي: جملة ما حفظ له من الحديث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مائة واثنان وأربعون حديثًا، أخرج له منها في الصحيحين ثمانية عشر حديثًا.

قلت: ومن المعلوم القطعي، واليقين الضروري أنه حفظ من حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما لم يحفظ أحدٌ من الصحابة، وحصل له (١) من العلم ما لم يحصل لأحد منهم، لأنَّه كان الخليل المباطن، والصَّفي الملازم، لم يفارقه سفرًا ولا حضرًا، ولا ليلًا ولا نهارًا، ولا شدَّة ولا رخاءً، وإنَّما لم يتفرغ للحديث، ولا للرواية، لأنَّه اشتغل بالأهم فالأهم، ولأن غيره قد قام عنه من الرواية بالمهم.

وإذا تقرر ذلك فاعلم: أن الفضائل جمع فضيلة، كرغائب جمع رغيبة، وكبائر جمع كبيرة، وهو كثير، وأصلها الخصلة الجميلة التي بها يحصل للإنسان شرف، وعلو منزلة وقدر، ثم ذلك الشَّرف، وذلك الفضل إما عند الخلق، وإما عند الخالق، فأمَّا الأول: فلا يلتفت إليه إن لم يوصل إلى الشرف المعتبر عند الخالق. فإذًا: الشرف المعتبر، والفضل المطلوب على التحقيق، إنما هو الذي هو شرف عند الله تعالى. وإذا تقرر هذا (٢)، فإذا قلنا إن أحدًا من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فاضل، فمعناه أن له منزلة شريفة عند الله تعالى، وهذا لا يتوصل إليه بالعقل قطعًا، فلا بدَّ أن يرجع ذلك إلى النقل، والنقل إنما يُتلقى من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فإذا أخبرنا


(١) في (ع): عنده.
(٢) في (م ٤): ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>