للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الرَّسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشيء من ذلك تلقيناه بالقبول، فإنَّ كان قطعيًا حصل لنا العلم بذلك، وإن لم يكن قطعيًا كان ذلك كسبيل المجتهدات على ما تقدَّم، وعلى ما ذكرناه في الأصول، وإذا لم يكن لنا طريق إلى معرفة ذلك إلا بالخبر، فلا يقطع أحد بأن من صدرت منه أفعال دينية وخصال محمودة، بأن ذلك قد بلَّغه عند الله منزلة الفضل والشرف، فإنَّ ذلك أمر غيب، والأعمال بالخواتيم، والخاتمة مجهولة، والوقوف على المجهول مجهول، لكنَّا إذا رأينا من أعانه الله على الخير، ويسر له أسباب الخير رجونا له حصول تلك المنزلة عند الله تمسُّكًا بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إذا أراد الله بعبد خيرًا استعمله في الخير، ووفقه لعمل صالح (١). وبما جاء في الشريعة من ذلك، ومن كان كذلك: فالظَّنُّ أنه لا يخيب، ولا يقطع على (٢) المغيب، وإذا تقرر هذا فالمقطوع بفضله، وأفضليته بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند أهل السُّنَّة - وهو الذي يقطع به من الكتاب والسُّنَّة - أبو بكر الصِّدِّيق، ثم عمر الفاروق، ولم يختلف في ذلك أحدٌ من أئمة السَّلف، ولا الخلف، ولا مبالاة بأقوال أهل الشيع، ولا أهل البدع، فإنهم بين مُكفَّر تُضرب رقبته، وبين مبتدع مُفسَّق لا تُقبل كلمته، وتدحض حُجَّته.

وقد اختلف أئمة أهل السُّنَّة (٣) في علي وعثمان رضي الله عنهما، فالجمهور منهم على تقديم عثمان، وقد روي عن مالك أنه توقف في ذلك، وروي عنه أنه رجع إلى ما عليه الجمهور، وهو الأصح إن شاء الله، والمسألة (٤) اجتهادية لا قطعية، ومستندها الكلِّي أن هؤلاء الأربعة: هم الذين اختارهم الله تعالى لخلافة نبيَّه، ولإقامة دينه، فمراتبهم عنده بحسب ترتيبهم في الخلافة، إلى ما ينضافُ إلى


(١) رواه أحمد (٤/ ١٣٥)، والترمذي (٢١٤٢).
(٢) في (م ٤): عن.
(٣) في (ع): السلف.
(٤) في (م ٤): وهذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>