للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك بما يشهد لكل واحدٍ منهم من شهادات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ له بذلك تأصيلًا وتفصيلًا، على ما يأتي إن شاء الله تعالى. وهذا الباب بحر لا يدرك قعره، ولا يُنزف غمره، وفيما ذكرناه كفاية، والله الموفق للهداية.

وقول أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ: نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار كان من قصته: أن المشركين اجتمعوا لقتل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فبيتوه في داره، فأمر عليًّا فرقد على فراشه، وقال له: إنهم لن يضروك، فخرج عليهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهم على بابه، فأخذ الله أبصارهم عنه، ولم يروه، ووضع على رأس كل واحد منهم ترابًا، وانصرف عنهم خارجًا إلى غار ثور، فاختفى (١) فيه، فأقاموا كذلك حتى أخبرهم مُخبِرٌ أنه قد خرج عليهم، وأنه وضع على رؤوسهم التراب، فمدُّوا أيديهم إلى رؤوسهم فوجدوا التراب، فدخلوا الدَّار، فوجدوا عليًّا على الفراش، فلم يتعرضوا له، ثم خرجوا في كل وجه يطلبون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويقتصون أثره بقائف (٢) كان معروفًا عندهم، إلى أن وصلوا إلى الغار، فوجدوه قد نسجت عليه العنكبوت من حينه، وفرَّخت فيه الحمام بقدرة الله تعالى، فلما رأوا ذلك قالوا: إن هذا الغار ما دخله أحدٌ، ثم إنهم صَعِدوا إلى (٣) أعلى الغار، فحينئذ رأى أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ أقدامهم، فقال بلسان مقاله مفصحًا عن ضعف حاله: لو نظر أحدهم إلى قدميه أبصرنا، فأجابه من تدلَّى فدنا بما يُذهب عنه الخوف والضَّنى بقوله: {لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} أي: بالحفظ والسلامة، والصَّون والكرامة. ثم إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أقام في الغار ثلاثة أيام حتى تجهَّز. ومنه هاجر


(١) في (م ٤): فأخفي.
(٢) "القائف": مَن يعرف الآثار ويتتبعها. ومَن يعرف النَّسَب بفراسته ونظره إلى أعضاء المولود.
(٣) في (م ٤): على.

<<  <  ج: ص:  >  >>