للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ هُوَ المُخَيَّرُ، وَكَانَ أَبُو بَكرٍ أَعلَمَنَا بِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحبَتِهِ أَبُو بَكرٍ، وَلَو كُنتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذتُ أَبَا بَكرٍ خَلِيلًا، وَلَكِن أُخُوَّةُ الإِسلَامِ لَا تُبقَيَنَّ فِي المَسجِدِ خَوخَةٌ إِلَّا خَوخَةَ أَبِي بَكرٍ.

رواه أحمد (٣/ ١٨)، والبخاريُّ (٤٦٦)، ومسلم (٢٣٨٢).

ــ

هذا الكلام: أن لأبي بكر من الفضائل، والحقوق ما لا يشاركه فيها مخلوق. ووزن أمَنَّ: أفعل، من المنَّة بمعنى الامتنان، أي: أكثر منَّة، ومعناه: أن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ له من الحقوق ما لو كانت لغيره لامتن بها، وذلك: أنه ـ رضي الله عنه ـ بادر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالتَّصديق، والناس كلهم مكذبون، وبنفقة الأموال العظيمة، والناس يبخلون، وبالملازمة والمصاحبة، والناس ينفرون، وهو مع ذلك بانشراح صدره، ورسوخ علمه يعلم: أن لله ولرسوله الفضل والإحسان، والمنة والامتنان، لكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكرم خُلقه، وجميل معاشرته اعترف بالفضل لمن صدر عنه، وشكر الصنيعة لمن وجدت منه، عملًا بشكر المنعم، ليسن، وليعلم، وهذا مثل ما جرى له يوم حنين مع الأنصار، حيث جمعهم فذكَّرهم بما له عليهم من المنن، ثم اعترف لهم بما لهم من الفضل الجميل الحسن، وقد تقدم في الزكاة. وقد ذكر الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه عليها ما خلا أبا بكر، فإنَّ له عندنا يدًا يكافئه الله تعالى بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد كما نفعني مال أبي بكر. . .، (١) وذكر الحديث، وقال: هو حسن غريب.

و(قوله: ولو كنت متخذًا خليلًا، لاتخذت أبا بكر خليلًا) متخذًا: اسم فاعل من اتَّخذ، وهو فعل يتعدَّى إلى مفعولين، أحدهما بحرف الجر، فيكون


(١) رواه الترمذي (٣٦٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>