للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيرَ فَجِّكَ.

رواه أحمد (١/ ١٧١)، والبخاريُّ (٣٦٨٣)، ومسلم (٢٣٩٦).

[٢٣١٠] وعَن عَائِشَةَ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَد كَانَ يَكُونُ فِي الأُمَمِ قَبلَكُم مُحَدَّثُونَ،

ــ

و(قوله: ما لقيك الشيطان قط سالكًا فجًّا إلا سلك فجًّا غير فجِّك) الفج: الطريق الواسع، وهو أيضًا: الطريق بين جبلين، والظاهر: بقاء هذا اللفظ على ظاهره، ويكون معناه: أن الشيطان يهابه ويجانبه، لما يعلم من هيبته، وقوَّته في الحق، فيفرُّ منه إذا لقيه، ويكون هذا مثل قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الآخر: إن الشيطان ليفرق منك يا عمر (١). ويعني بالشيطان: جنس الشياطين، ويحتمل أن يكون ذلك مثلًا لبُعده عنه، وأنه لا سبيل له عليه، والأوَّل أولى.

و(قوله: قد كان يكون في الأمم قبلكم محدِّثون) كان الأولى: بمعنى الأمر والشأن، أي: كان الأمر والشأن، وهي نحو ليس في قولهم: ليس خلق الله مثله. وتكون الثانية ناقصة، واسمها محدَّثون، وخبرها في المجرور، ويصح أن تكون تامَّة، وما بعدها أحوال. ومحدَّثون - بفتح الدال - هي الرواية اسم مفعول، وقد فسَّر ابن وهب المحدَّثين بالملهمين، أي: يُحدَّثون في ضمائرهم بأحاديث صحيحة، هي من نوع الغيب، فيظهر على نحو ما وقع لهم، وهذه كرامة يكرم الله تعالى بها من يشاء من صالحي عباده، ومن هذا النوع ما يقال عليه: فراسة وتوسُّم، كما قد رواه الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ، قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: اتَّقوا فراسة المؤمن، فإنَّه ينظر بنور الله، ثم قرأ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلمُتَوَسِّمِينَ} (٢)، وقد تقدَّم القول في نحو هذا، وقد قال


(١) رواه أحمد (٥/ ٣٥٣).
(٢) رواه الترمذي (٣١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>