للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِن يَكُن فِي أُمَّتِي مِنهُم أَحَدٌ فَإِنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ مِنهُم.

قال ابن وهب: تفسيرُ محدَّثون: مُلْهَمُونَ.

رواه أحمد (٦/ ٥٥)، ومسلم (٢٣٩٨)، والترمذيُّ (٣٦٩٣)، والنسائي في الكبرى (٨١٢٠).

ــ

بعضهم: إن معنى محدَّثين: مكلَّمون، أي: تكلِّمهم الملائكة.

قلت: وهذا راجعٌ لما ذكرته، غير أن ما ذكرته أعم، فقد يخلق الله تعالى الأحاديث بالغيب في القلب ابتداء من غير واسطة ملك، وقال بعضهم: إن معناه أنهم مصيبون فيما يظنونه، وإليه ذهب البخاري، وهذا نحو من الأول، غير أن الأوَّل أعم، والله أعلم.

و(قوله: فإنَّ يكن في أمتي أحدٌ منهم فعمر (١)) دليلٌ على قلَّة وقوع هذا وندوره، وعلى أنه ليس المراد بالمحدَّثين المصيبين فيما يظنون، لأنَّ هذا كثير في العلماء والأئمة الفضلاء، بل: وفي عوام الخلق كثير ممن يقوى حدسه فتصح إصابته فترتفع خصوصية الخبر، وخصوصية عمر ـ رضي الله عنه ـ بذلك، ومعنى هذا الخبر قد تحقق، ووجد في عمر قطعًا، وإن كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يجزم فيه بالوقوع، ولا صرَّح فيه بالأخبار، لأنَّه إنما ذكره بصيغة الاشتراط، وقد دلَّ على وقوع ذلك لعمر حكايات كثيرة عنه، كقصَّة: الجبل يا سارية (٢)، وغيره، وأصح ما يدلّ على ذلك: شهادة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ له بذلك، كما رواه الترمذي عن ابن عمر مرفوعًا: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه وقال ابن عمر رضي الله عنهما: ما


(١) في صحيح مسلم: "فإن يكن في أمتي منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم". وما ذكره المصنف -رحمه الله- هو رواية أحمد والترمذي والنسائي.
(٢) ذكر ابن حجر هذه القصة في الإصابة (٣/ ٥٣) وعزاها للواقدي وسيف بن عمر وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>