للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيُبَشِّرُكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِالجَنَّةِ مَعَ بَلوَى تُصِيبُكَ - وفي رواية: فقال:

ــ

ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: ذكر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتنةً، فقال: يقتل فيها مظلومًا لعثمان ـ رضي الله عنه ـ، وقال: حديث حسن غريب (١).

وروى أبو عمر بن عبد البر عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ادعوا لي بعض أصحابي فقلت: أبو بكر؟ فقال: لا، فقلت: فعمر؟ فقال: لا، قالت: قلت: ابن عمك عليًّا؟ فقال: لا، فقلت له: عثمان؟ فقال: نعم، فلما جاءه، فقال لي بيده، فتنحَّيت، فجعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يساره، ولون عثمان يتغيَّر، فلما كان يوم الدار وحصر قيل له: ألا نقاتل عنك؟ قال: لا، إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عهد إلي عهدًا وأنا صابرٌ عليه (٢). فهذه الأحاديث وغيرها مما يطول تتبعه: تدل على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبره بتفصيل ما جرى عليه، وأنه سلَّم نفسه لما علم من أن ذلك قدر سبق وقضاء وجب، ولذلك منع كل من أراد القتال دونه، والدفع عنه - ممن كان معه في الدار، وفي المدينة - من نصرته. وتفصيل كيفية قتله، وما جرى لهم معه مذكور في التواريخ. وجملة الأمر أن قومًا من أهل مصر وغيرهم غلب عليهم الجهل، والهوى، والتعصب، فنقموا عليه أمورًا أكثرها كذب، وسائرها له فيها أوجه من المعاذير، وليس فيها شيء يوجب خلعه، ولا قتله، فتحزَّبوا، واجتمعوا بالمدينة، وحاصروه في داره، فقيل: شهران، وقيل: تسعة وأربعون يومًا، وهو في كل ذلك يعظهم، ويذكرهم بحقوقه، ويتنصل مما نسبوه إليه، ويعتذر منه، ويصرح بالتوبة، ويحتج عليهم بحجج صحيحة لا مخلص لهم عنها، ولا جواب عليها، لكن أعمتهم الأهواء ليغلب القضاء، فدخلوا عليه وقتلوه مظلومًا كما شهد له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجماعة أهل السنة، وألقي على مزبلة، فأقام فيها ثلاثة أيام لم يقدر أحدٌ على دفنه حتى جاء جماعة بالليل خفية، وحملوه على لوح، وصلوا عليه،


(١) رواه الترمذي (٣٧٠٨).
(٢) رواه أحمد (١/ ٥٨ و ٦٩)، والترمذي (٣٧١١)، وابن ماجه (١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>