ودفن في موضع من البقيع يسمى: حوش كوكب وكان مما حبَّسه هو، وزاده في البقيع، وكان إذا مر فيه يقول: يدفن فيك رجل صالح، فكان هو المدفون فيه، وعُمِّي قبره لئلا يعرف، وقد نسب أهل الشام قتله إلى علي رضي الله عنهما، وهي نسبة كذب وباطل، فقد صحَّ عنه: أنه كان في المسجد، وقت دُخِل عليه في الدار، ولما بلغه ذلك قال لقتلته: تبًا لكم آخر الدهر، ثم إنه قد تبرأ من ذلك، وأقسم عليه، وقال: من تبرأ من دين عثمان، فقد تبرأ من الإيمان، والله ما أعنت على قتله، ولا أمرت، ولا رضيت. لكنه لم يقدر على المدافعة بنفسه. وقد كان عثمان منعهم من ذلك. وكان مقتل عثمان في أوسط أيام التشريق على ما قاله أبو عثمان النهدي. قال ابن إسحاق: على رأس إحدى عشرة سنة، وأحد عشر شهرًا، واثنين وعشرين يومًا من مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وعلى رأس خمس وعشرين سنة من متوفى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وقال الواقدي: قتل يوم الجمعة لثمان ليالٍ خلت من ذي الحجة، يوم التروية سنة خمس وثلاثين، وقيل: لليلتين بقيتا من ذي الحجة. قال ابن إسحاق: وبويع له بالخلافة يوم السبت غرَّة محرم سنة أربع وعشرين، بعد دفن عمر بثلاثة أيام، فكانت خلافته إحدى عشرة سنة إلا أيامًا اختلف فيها حسب ما بيَّناه. وقد كان انتهى من الفضل، والعلم، والعبادة إلى الغاية القصوى، كان يصوم الدهر، ويقوم الليل يقرأ القرآن كله في ركعة الوتر. وروى الترمذي (١)، عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا نقول ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حي: أبو بكر وعمر وعثمان، وقال فيه: حديث صحيح حسن، وقد شهد له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنه شهيد، ومن أهل الجنة، وقتلته مخطئون قطعًا، وقد قدموا على ما قدموا عليه.