للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٣١٥] وعنه قال: أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفيَانَ سَعدًا فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَن تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ؟ فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَلَن أَسُبَّهُ، لَأَن تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن حُمرِ النَّعَمِ، سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ - وخَلَّفَهُ فِي بَعضِ مَغَازِيهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلَّفتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبيَانِ؟ - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ:

ــ

مثل أحاديث عمر - رضي الله عنهما - أخرج له منها في الصحيحين أربعة وأربعون حديثًا.

و(قول معاوية لسعد بن أبي وقاص: ما منعك أن تسبَّ أبا تراب) يدل: على أن مقدم بني أميَّة كانوا يسبُّون عليًّا وينتقصونه، وذلك كان منهم لما وقر في أنفسهم من أنه أعان على قتل عثمان، وأنه أسلمه لمن قتله، بناء منهم على أنه كان بالمدينة، وأنه كان متمكنًا من نصرته. وكل ذلك ظن كذب، وتأويل باطل غطَّى التعصُّب منه وجه الصَّواب. وقد قدمنا: أن عليًّا ـ رضي الله عنه ـ أقسم بالله: أنه ما قتله، ولا مالأ على قتله، ولا رضيه. ولم يقل أحدٌ من النقلة (١) قط، ولا سمع من أحد: أن عليًّا كان مع القتلة، ولا أنه دخل معهم الدَّار عليه. وأما ترك نصرته، فعثمان ـ رضي الله عنه ـ أسلم نفسه، ومنع من نصرته، كما ذكرناه في بابه. ومِمَّا تشبَّثوا به: أنهم نسبوا عليًّا إلى ترك أخذ القصاص من قتلة عثمان، وإلى أنه منعهم منهم، وأنَّه قام دونهم. وكل ذلك أقوال كاذبة أنتجت ظنونًا غير صائبة، ترتب عليها ذلك البلاء كما سبق به القضاء.

و(قوله: في بعض مغازيه) قد قلنا: إنها كانت غزوة تبوك خلَّفه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أهله، واستخلفه على المدينة، فيما قيل. ولما صعب على علي ـ رضي الله عنه ـ تخلَّفه عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشق عليه، سكَّنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وآنسه بقوله: أما ترضى أن


(١) في (م ٤): أهل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>