للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ وذلك: أن موسى ـ عليه السلام ـ لما عزم على الذهاب لما وعده الله به من المناجاة قال لهارون: {اخلُفنِي فِي قَومِي وَأَصلِح}

وقد استدل بهذا الحديث الرَّوافض، والإمامية، وسائر فرق الشيعة: على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ استخلف عليًّا ـ رضي الله عنه ـ على جميع الأمة. فأمَّا الرَّوافض فقد كفَّروا الصَّحابة كلهم، لأنَّهم عندهم تركوا العمل بالحق الذي هو النَّصُّ على استخلاف علي ـ رضي الله عنه ـ واستخلفوا غيره بالاجتهاد. ومنهم من كفَّر عليًّا ـ رضي الله عنه ـ لأنه لم يطلب (١) حقَّه. وهؤلاء لا يشك في كفرهم، لأنَّ من كفر الأمَّة كلها والصَّدر الأول، فقد أبطل نقل الشريعة، وهدم الإسلام. وأما غيرهم من الفرق فلم يرتكب أحدٌ منهم هذه المقالة الشنعاء القبيحة القصعاء (٢)، ومن ارتكبها منهم ألحقناه بمن تقدَّم في التكفير ومأواه جهنم وبئس المصير، وعلى الجملة فلا حجَّة لأحدٍ منهم في هذا الحديث، فإنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما استنابه في أمر خاص وفي وقت خاص، كما استناب موسى هارون - عليهما السلام - في وقت خاص، فلما رجع موسى ـ عليه السلام ـ من مناجاته، عاد هارون إلى أول حالاته، على أنه قد كان هارون شُرك مع موسى في أصل الرسالة، فلا تكون لهم فيما راموه (٣) دلالة. وغاية هذا الحديث أن يدلّ على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما استخلف عليًّا ـ رضي الله عنه ـ على المدينة فقط، فلما رجع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من تبوك قعد مقعده، وعاد علي ـ رضي الله عنه ـ إلى ما كان عليه قبل. وهذا كما استخلف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المدينة ابن أم مكتوم وغيره، ولا يلزم من ذلك استخلافه دائمًا بالاتفاق.


(١) في (م ٤): يقم بطلب.
(٢) في (م ٤): الغضَّاء.
(٣) في (م ٤): فلا يكون لهم فيه على ما راموه.

<<  <  ج: ص:  >  >>