للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المؤمنين! فقال: العار خير من النار. وقال له شيخ من أهل الكوفة يكنى أبا عامر لما قدمها: السلام عليك يا مُذِل المؤمنين، فقال له: لا تقل ذلك يا أبا عامر! فإني لم أذل المؤمنين، ولكني كرهت أن أقتلهم في طلب الملك، فقد ظهر ما قاله سيد المرسلين من أن الحسن سيِّد، وأن الله أصلح به بين فئتين من المسلمين، لكن خُشي من طول عمره فسُمَّ فمات من فوره، ونقل الثقات: أنه لما سُمَّ لفظ قطعًا من كبده، وحينئذ قال: لقد سُقيتُ السُّمَّ ثلاث مرات لم أسق مثل هذه المرة، فقال له الحسين: يا أخي من سقاك؟ قال: وما تريد إليه؟ أتريد أن تقتله؟ قال: نعم. قال: لئن كان الذي أظن، فالله أشد نقمة، ولئن كان غيره فما أحب أن يقتل بي بريء. ولما ورد البريد بموته على معاوية قال: يا عجبًا من الحسن شرب شربة من عسل بماء رومة فقضى نحبه.

وأما الحسين ـ رضي الله عنه ـ، فكان فاضلًا، ديِّنًا، كثير الصوم، والصلاة، والحج، قال مصعب الزبيري: حجَّ الحسين خمسًا وعشرين حجَّة ماشيًا، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيه وفي الحسن: إنهما سيِّدا شباب أهل الجنة (١). وقال: هما ريحانتاي من الدنيا (٢). وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا رآهما هشَّ لهما، وربما أخذهما، كما روى أبو داود: أنهما دخلا المسجد وهو يخطب فقطع خطبته ونزل فأخذهما، وصعد بهما، وقال: رأيت هذين، فلم أصبر (٣). وكان يقول فيهما: اللهم إني أحبهما فأحبهما، وأحِبَّ من يحبهما (٤). وقتل رحمه الله، ولا رحم قاتله يوم الجمعة لعشر خلون من محرم سنة إحدى وستين بموضع يقال له: كربلاء، بقرب موضع يقال له: الطفُّ بقرب من الكوفة. قال أهلُ التواريخ: لما مات معاوية،


(١) رواه أحمد (٣/ ٣)، والترمذي (٣٧٦٨).
(٢) رواه أحمد (٢/ ٨٥)، والبخاري (٣٧٥٣)، والترمذي (٣٧٧٠).
(٣) رواه أبو داود (١١٠٩).
(٤) رواه الترمذي (٣٧٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>