للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه أحمد (٢/ ٧٧)، والبخاريُّ (٤٧٨٢)، ومسلم (٢٤٢٥)، والترمذي (٣٢٠٩).

ــ

حكم التبني، ومنع من إطلاق لفظه، وأرشد بقوله إلى الأولى والأعدل أن يُنسب الرَّجل إلى أبيه نسبًا، ولو نسب إلى أبيه من التبني، فإنَّ كان على جهة الخطأ - وهو أن يسبق اللسان إلى ذلك من غير قصد - فلا إثم، ولا مؤاخذة، لقوله تعالى: {وَلَيسَ عَلَيكُم جُنَاحٌ فِيمَا أَخطَأتُم بِهِ}، أي: لا إثم فيه، ولا يجري هذا المجرى إطلاق ما غلب عليه اسم التبني، كالحال في المقداد بن عمرو، فإنَّه قد غلب عليه نسب التبني، فلا يكاد يعرف إلا بالمقداد بن الأسود، فإنَّ الأسود بن عبد يغوث كان قد تبناه في الجاهلية، وعرف به، فلما نزلت الآية قال المقداد: أنا ابن عمرو، ومع ذلك فبقي ذلك الإطلاق عليه، ولم يسمع فيمن مضى من عصَّى (١) مُطلِق ذلك عليه، وإن كان متعمدًا. وليس (٢) كذلك الحال في زيد بن حارثة، فإنَّه لا يجوز أن يقال فيه: زيد بن محمَّد، فإن قاله أحدٌ متعمِّدًا عَصَى، لقوله تعالى: {وَلَكِن مَا تَعَمَّدَت قُلُوبُكُم} أي: فعليكم فيه الجناح. والله تعالى أعلم. ولذلك قال بعده: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} أي: غفورًا للعمد ورحيمًا برفع إثم الخطأ.

ومعنى قوله تعالى: {ادعُوهُم لآبَائِهِم} أي: انسبوهم إليهم، ولذلك عدَّاه باللام، ولو كان الدُّعاء بمعنى: النداء لعدَّاه بالباء.

وقوله: {فَإِن لَم تَعلَمُوا آبَاءَهُم فَإِخوَانُكُم فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُم} فانسبوهم إليكم نسبة الأخوة الدينية التي قال الله فيها: {إِنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ} والمولويَّة التي قال فيها: {وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ} وقد تقدَّم: أنَّه يقال: مولى على المُعتِق، والمُعتَق، وابن العم، والناصر.


(١) "عصى": اعتبره عاصيًا لله.
(٢) ساقطة من (ع) و (م ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>