و(قوله: بعث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعثًا، وأمَّر عليهم أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - هذا البعث - والله تعالى أعلم - هو الذي جهَّزه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع أسامة، وأمره عليهم، وأمره أن يغزو أُبنى، وهي القرية التي هي عند مؤتة - الموضع الذي قتل فيه زيد أبو أسامة -، فأمره أن يأخذ بثأر أبيه. وطعن من في قلبه ريبٌ في إمارته، من حيث: إنه من الموالي، ومن حيث: إنه كان صغير السِّن، لأنَّه كان إذ ذاك ابن ثماني عشرة سنة، فمات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد برز هذا البعث عن المدينة، ولم ينفصل بعد عنها، فنفَّذَه أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ بعد موت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
و(قوله: إن تطعنوا في إمرته، فقد كنتم طعنتم في إمرة أبيه قبل) هذا خطاب منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمن وقع له ذلك الطعن، لكنه على كريم خلقه لم يعيِّنهم سترًا لهم، إذ مَعتبتُه كانت كذلك، كما تقدَّم، وكان الطعن في إمارة زيد من حيث إنه كان مولًى، فشهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأسامة وأبيه - رضي الله عنهما - بأنَّهما صالحان للإمارة، لما يعلم من أهليتهما لها، وأن كونهما موليين لا يغضُّ من مناصبهما، ولا يقدح في أهليتهما للإمارة.
ولا خلاف أعلم في جواز المولى والمفضول، وقد تقدَّم القول في استخلاف المفضول.
والإمرة رويناها بالكسر بمعنى: الولاية، وقال أبو عبيد: يُقال: لك عليَّ أمرةٌ مطاعة - بفتح الهمزة -، وكذلك حكاه القتبي، وهي واحدة الأمر.
قلت: وهذا على قياس: جَلسة، وجِلسة - بالفتح للمصدر والكسر للهيئة -.
والخليق، والحريُّ، والقَمِنُ، والحقيقُ: كلُّها بمعنى واحد.