للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِلإِمرَةِ، وَإِن كَانَ لَمِن أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِن أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعدَهُ.

ــ

و(قوله: وإن كان لمن أحبِّ الناس إليَّ) إن عند البصريين مخففة من الثقيلة، واللام الداخلة بعدها هي المفرقة بين إن المخففة وبين إن الشرطية. وعند الكوفيين: إن نافية، واللام بمعنى: إلا. وهذا نحو قوله (١):

شَلَّت (٢) يَمِينُك إن قَتَلتَ لَمُسلِمًا ... حَلَّت عَلَيك عقوبةُ المُتَعَمِّدِ

تقديرها عند البصريين: إنك قتلت مسلمًا. وعند الكوفيين: ما قتلت إلا مسلمًا.

وهذا من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خبر عن محبته [لزيد ـ رضي الله عنه ـ، ثمَّ أخبر عن محبته] (٣) لأسامة فقال: وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده. فكان أسامة الحبُّ ابن الحبِّ. وبذلك كان يُدعى. ورضي الله عن عمر بن الخطاب، لقد قام بالحق، وعرفَه لأهله، وذلك: أنَّه فرض لأسامةَ في العطاء خمسة آلاف، ولابنه عبد الله ألفين. فقال له عبد الله: فضلت عليَّ أسامة، وقد شهدت ما لم يشهد؟ ! فقال ـ رضي الله عنه ـ: إن أسامة كان أحب إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أبيك. ففضل محبوب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على محبوبه، وهكذا يجب أن يحب ما أحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويبغض ما أبغض، وقد قابل مروان هذا الحب الواجب بنقيضه، وذلك: أنَّه مرَّ بأسامة بن زيد وهو يصلي عند باب بيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقال له مروان: إنَّما أردت أن يُرى مكانك فقد رأينا مكانك، فعل الله بك وفعل - قولًا قبيحًا - فقال له أسامة: إنَّك آذيتني، وإنَّك فاحش متفحش،


(١) البيت لعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية العدوية، ترثي زوجها الزبير بن العَوَّام رضي الله عنه، وتدعو على عمرو بن جرموز قاتله.
(٢) شلَّت: بفتح الشين، وأصل الفعل شلِلَت، ومن يقوله بضم الشين فقد أخطأ.
(٣) ما بين حاصرتين ساقط من (م ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>