للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: فكُلِي أُمَّ زَرعٍ، وَمِيرِي أَهلَكِ، فَلَو جَمَعتُ كُلَّ شَيءٍ أَعطَانِي مَا بَلَغَ أَصغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرعٍ، قَالَت عَائِشَةُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: كُنتُ لَكِ كَأَبِي زَرعٍ لِأُمِّ زَرعٍ.

ــ

راح، تعني: أنه أعطاها من كل صنف من الإبل، والغنم، والبقر. والزوج: الصِّنف (١)، كما قال تعالى: {وَكُنتُم أَزوَاجًا ثَلاثَةً} وقد يراد بالزوج: اثنان. يقال فرد وزوج، وزوج المرأة: بعلها، وهي زوجٌ له. وقد جاء زوجه، ويقال: هما زوجان للاثنين، وهما زوج، كما يقال: هما سيّان، وهما سواء، قاله الجوهري. وقال غيره: ولا يوضع الزوج على الاثنين أبدًا. قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوجَينِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى} وقد رويت هذه الكلمة: ذابحة بالذال المعجمة من الذبح، وتكون فاعلة بمعنى مفعولة، كـ {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي: مرضية، يعني: أنه أعطاها من كل شيء يذبح.

و(قوله: فكلي أم زرع، ومِيري أَهلَكِ) أباح لها أن تأكل ما شاءت من طعامه، وأن تبعث منه بما شاءت لأهلها، مبالغة في إكرامها، وفي الاحتفال بها، ومع ذلك كله، فكانت أحواله كلها عندها محتقرة بالنسبة إلى أبي زرع، ولذلك قالت: فلو جمعت كل شيء أعطاني ما بلغ أصغر آنية أبي زرع، وسبب ذلك: أن أبا زرع كان الحبيب الأول. كما قال الشاعر (٢):

نقِّل فؤادَك حيث شئتَ من الهوى ... ما الحبُّ إلا للحبيب الأوَّلِ

وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعائشة: كنت لك كأبي زرع لأم زرع تطييب لقلبها، ومبالغة في حسن عشرتها، ومعناه: أنا لك، وهذا نحو قوله تعالى: {كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ} أي: أنتم، ويمكن بقاؤها على ظاهرها، أي: كنت لك في علم الله


(١) في (ز): الضعف.
(٢) هو أبو تمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>