للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قَالَ: عَلَى قِرَاءَةِ مَن تَأمُرُونِي أَن أَقرَأَ؟ فَلَقَد قَرَأتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِضعًا وَسَبعِينَ سُورَةً،

ــ

القيامة، ويحمله، وكان هذا رأيًا منه انفرد به عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ولم يوافقه أحد منهم عليه، فإنَّه كتم مصحفه، ولم يظهره، ولم يقدر عثمان ولا غيره عليه أن يظهره، وانتشرت المصاحف التي كتبها عثمان، واجتمع عليها الصحابة في الآفاق، وقرأ المسلمون عليها، وترك مصحف عبد الله، وخفي إلى أن وجد في خزائن بني عبيد بمصر عند انقراض دولتهم، وابتداء دولة المعز، فأمر بإحراقه قاضي القضاة بها صدر الدين، على ما سمعناه من بعض مشايخنا، فأحرق.

و(قوله: على قراءة من تأمرني أن أقرأ؟ ) إنكار منه على من يأمره بترك قراءته، ورجوعه إلى قراءة زيد مع أنه سابق له إلى حفظ القرآن، وإلى أخذه عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فصعب عليه أن يترك قراءة قرأها على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويقرأ بما قرأه زيد أو غيره، فتمسك بمصحفه وقراءته، وخفي عليه الوجه الذي ظهر لجميع الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ من المصلحة التي هي من أعظم ما حفظ الله بها القرآن عن الاختلاف المخل به، والتغيير بالزيادة والنقصان. وقد تقدَّم القول في الأحرف السبعة، وفي كيفية الأمر بذلك، وكان من أعظم الأمور على عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لما عزموا على كتب المصحف بِلُغَةِ قريش عيَّنوا لذلك أربعة لم يكن منهم ابن مسعود، فكتبوه على لغة قريش، ولم يُعَرِّجوا على ابن مسعود مع أنه أسبقهم لحفظ القرآن، ومن أعلمهم به، كما شهدوا له بذلك، غير أنه ـ رضي الله عنه ـ كان هُذليًا كما تقدم، وكانت قراءته على لغتهم، وبينها وبين لغة قريش تباين عظيم، فلذلك لم يدخلوه معهم، والله تعالى أعلم.

قلت: قد تقدَّم أن أصل البضع ما بين الثلاثة إلى التسعة، وذكر اشتقاقه، والخلاف فيه. والحلق: بفتح الحاء واللام: جمع حلقة بفتح الحاء واللام على

<<  <  ج: ص:  >  >>