قوله صلى الله عليه وسلم وما كلَّم الله أحدًا إلا من وراء حجاب إنما يعني به - والله أعلم - أنه ما كلَّم أحدًا من الشهداء وممن ليس بنبي بعد موته - وقيل يوم القيامة - إلا عبد الله، ولم يرد به الأنبياء ولا أراد بعد يوم القيامة لما قد علم أيضًا من الكتاب والسنة وإجماع أهل السُّنَّة من أن يرون الله تعالى في الجنة ويُكلِّمهم بغير حجاب ولا واسطة.
وأما الآية فإنما مقصودها حَصر أنواع الوحي الواصل إلى الأنبياء من الله تعالى، فمنه ما يقذفهُ الله تعالى في قلب النبيِّ وروعه، ومنه ما يُسمعه الله تعالى للنبي مع كون ذلك النبي محجوبًا عن رؤية الله تعالى، ومنه ما يبلغه له الملك، وحاصلها الإعلام بأن الله تعالى لم يره أحدٌ من البشر في هذه الدَّار نبيًا كان أو غير نبي، ويشهد لهذا قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الصحيح: اعلموا أنه لا يرى أحدٌ ربَّه حتى يموت (١).
وقد تقدَّم الخلاف في رؤية نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لربِّه، والصحيح أنه لم يأت قاطع بذلك، والأصل بقاء ما ذكرناه على ما أصَّلناه، والله تعالى أعلم.
وقوله وجيء بأبي مُسجًّى، وقد مُثِّل به؛ أي: مُغطى بثوب ومُثِّل به، أي جُدِع أنفه وأذناه، فعل ذلك به المشركون.
وقوله ولِمَ تبكي؟ ، كذا صحَّت الرواية بـ لم التي للاستفهام، تبكي