فكان خامسًا، ثم انصرف إلى بلاد قومه فأقام بها حتى قدم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عام الحديبية بعد أن مضت بدر وأحد والخندق، ويدل على كيفية إسلامه وتفصيل أحواله حديثه المذكور في الأصل، وكان قد غلب عليه التعبُّد والزهد، وكان يعتقد أن جميع ما فضل عن الحاجة كنز وإمساكه حرام، ودخل الشام بعد موت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فوقع بينه وبين معاوية نزاع في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَكنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ}. . . الآية، فشكاه معاوية إلى عثمان فأقدمه عثمان المدينة فقدمها، فزهد أبو ذر في كل ما بأيديهم، واستأذن عثمان في سكنى الرَّبذة فأذن له، وقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أذن له في البدو، فأقام بالرَّبذة في موضع منقطع إلى أن مات بها سنة اثنتين وثلاثين على ما قاله ابن إسحاق، وصلى عليه عبد الله بن مسعود منصرفه من الكوفة في ركب، ولم يوجد له شيء يُكفن فيه، فكفَّنه رجل من أولئك الركب في ثوب من غزل أمه، وكان قد وصَّى ألا يكفنه أحدٌ ولي شيئًا من الأعمال السلطانية، وخبره بذلك معروف.
روى عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مائتي حديث وواحدًا وثمانين حديثًا، أخرج له منها في الصحيحين ثلاثة وثلاثون حديثًا.
غريب حديث أبي ذر رضي الله عنه:
الشنة: السقاء البالي، والشنان: الأسقية، واحدها شنٌّ، وكل جلد بال فهو شنٌّ. ويقال للقربة البالية: شنَّة، وهي أشدُّ تبريدًا للماء من الجدد.
وقوله ما أنى للرجل؛ أي: ما كان، يقال: أنى وآن - بمعنى واحد، وتقفوه: تتبعه.