كان هكذا علم أنه عالم بالشعر وأنواعه. فلما كان كذلك وسمع القرآن علم قطعًا أنه ليس بشعر، ولذلك قال: لقد وضعته على أنواع الشعر فلم يلتئم، فكانت هذه شهادة بأنه ليس بشعر ولا أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ شاعر، فكان ذلك تكذيبًا لمن زعمه من جهَّال الكفار ومن المعاندين الفجَّار.
قلت: وقد ظهر بين حديث عبد الله بن الصامت وبين حديث عبد الله بن عباس تباعد واختلاف في موضع من حديث أبي ذر هذا بحيث يبعد الجمع بينهما فيه، وذلك أن في حديث ابن الصامت أن أبا ذر لقي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أول ما لقيه ليلًا وهو يطوف بالكعبة، فأسلم إذ ذاك بعد أن أقام ثلاثين بين يوم وليلة ول زاد له، وإنَّما اغتذى بماء زمزم. وفي حديث ابن عباس: إنه كان له قربة وزاد، وأن عليًّا ـ رضي الله عنه ـ أضافه ثلاث ليال ثم أدخله على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بيته فأسلم، ثم خرج يصرخ بكلمتي الإسلام. وكل ذلك من السندين صحيح، فالله أعلم أي