للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خَلَقَ الإِنسَانَ مِن عَلَقٍ اقرَأ وَرَبُّكَ الأَكرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَم يَعلَم. فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرجُفُ بَوَادِرُهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقَالَ: زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي. فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنهُ الرَّوعُ، ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ: أَي خَدِيجَةُ! مَا لِي؟ وَأَخبَرَهَا الخَبَرَ، فقَالَ: لَقَد خَشِيتُ عَلَى نَفسِي،

ــ

فدثّروه، فأنزل الله تعالى: يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ وعائشة أخبرت بأوّل ما نزل عليه في حراء (١)، فكان قول عائشة أولى، والله تعالى أعلم.

و(قوله: ترجف بوادره) ترعد وتضطرب. والبوادر من الإنسان: اللحمة التي بين المنكب والعنق، قاله أبو عبيد في الغريب. وقد رُوي في الأمّ (٢): يرجف فؤاده، أي: قلبه، وهذا هو سبب طلبه أن يُدَّثّر ويُزّمَّل؛ أي: يغطَّى ويُلفّ؛ لشدّة ما لحقه من هول الأمر وشدّة الضغط. والتزمُّل والتدثُّر واحد، ويقال لكلّ ما يلقى على الثوب الذي يلي الجسد دثار. وأصل المزَّمِّل والمدَّثِّر: المتزمِّل والمتدثِّر، أدغمت التاء فيما بعدها، وقد جاء في أثر أنّهما من أسمائه (٣) - عليه الصلاة والسلام -.

و(قوله: لقد خشيتُ على نفسي) اُختُلِف في سبب هذه الخشية، وفي زمانها، فقيل: كانت عند رؤية التباشير وسمع الصوت قبل لقاء الملك، وعند هذا يجوز أن يكون شكّ في حاله ولم يتحقَّق مآله، وأمّا بعد مشافهة الملك وسماعه منه ما أخبره به وما قرأ عليه، فلا يُتصوّر في حقِّه شكٌّ في رسالته بوجه من


(١) رواه البخاري (٤)، ومسلم (١٦١).
(٢) أي: أصل صحيح مسلم.
(٣) ذكرهما الصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد (١/ ٦٣٠ و ٦٣٣). وقال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد (١/ ٨٦): أسماؤه - صلى الله عليه وسلم - كلها نعوت، ليست أعلامًا محضة لمجرّد التعريف، بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به تُوجِبُ له المدحَ والكمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>