للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقَالَت لَهُ خَدِيجَةُ: كَلَاّ! أَبشِر، فَوَاللهِ! لا يُخزِيكَ اللهُ أَبَدًا. وَاللهِ! إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحمِلُ الكَلَّ، وَتَكسِبُ المَعدُومَ،

ــ

الوجوه. وإن كانت الخشية حصلت منه في هذا الحال، فيحتمل أن كانت من ضعفه عن القيام بأعباء النبوّة والرسالة، وأنّه لا يقدر عليها. ويحتمل أن يكون خوفه من مباعدة قومه له ونفارهم عنه، فيُكذِّبونه ويؤذونه ويقتلونه، وهذا في أوّل أمره قبل أن يعلم بمآل حاله، وأنّ الله يعصمه من الناس، وقول خديجة يُشعِر بهذا، والله تعالى أعلم.

و(قولها: لا يخزيك الله أبدًا) قاله معمر بالحاء المهملة والنون، وقال يونس وعقيل بالخاء المعجمة وبالياء المنقوطة باثنتين من أسفل، ومعناه: لا يفضحك ولا يهينك.

و(قولها: وتحمل الكَلَّ) قال ابن النحّاس: الكَلُّ الثِقَل، من كلَّ شيء في المؤنة والجسم. والكَلّ أيضًا اليتيم والمسافر، وهو الذي أصابه الكلال وهو الإعياء.

و(قولها: وتكسب المعدوم) رُوِيتُه بفتح التاء وضمّها، قال ابن النحاس: يقال: كسبتُ الرجلَ مالاً، وأكسبتُه مالاً، وأنشد:

فأكسبَنِي مالاً وأكسبتُه حمدًا (١)

وحكى أبو عبد الله بن القزّاز أنّ كسب حرف نادر، يقال: كسبتُ المال وكسبتُه غيري، ولا يقال: أكسبتُ. وحكى الهرويّ: كسبتُ مالاً وكسبتُه زيدًا. وحُكي عن ثعلب وابن الأعرابيّ: أكسبتُ زيدًا مالاً. ومعناه أنّه - عليه الصلاة والسلام - كان يَكسب الناس (٢) ما لا يجدونه من معدومات الفوائد والفضائل، وهذا


(١) أنشده ابن الأعرابي، كما في تاج العروس (كسب).
(٢) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>